info@suwar-magazine.org

معامل الإسمنت بين الواقع المتردّي ومشاريع الخصخصة

معامل الإسمنت بين الواقع المتردّي ومشاريع الخصخصة
Whatsapp
Facebook Share

 

 

على هامش منتدى الأعمال السوريّ الروسيّ الذي تزامن مع الدورة الستّين لمعرض دمشق الدوليّ، ذكر رئيس غُرف التجارة في سوريا فارس الشهابي أن سوريا بحاجة لأكثر من   15 مليون طنّ سنوياً من الإسمنت في مرحلة إعادة الإعمار، وأضاف أن الإنتاج كان قبل الحرب حوالي 8 مليون طنّ، يأتي عن طريق القطاع العامّ والخاصّ، وانخفض إلى 4 مليون طنّ، من إنتاج معملَين بالقرب من دمشق، هما عدرا والبادية ومعمل طرطوس.

 

خصخصة واستثمارات روسيّة

 

بدأت منذ نحو عام ورش فنّية سوريّة بالتعاون مع شركات روسيّة، صيانة معمل حماة للإسمنت، والذي يُعتبر أكبر المعامل السوريّة، ويعاني القطاع العامّ من صعوبات في تأمين قطع الغيار نتيجة تشديد العقوبات على سوريا، ممّا يضطرّهم لشرائها بطرق التفافية من السوق السوداء بأسعار مضاعفة، أو الاستعانة بشركات روسيّة لتأمين الصيانة.

 

في اتّجاه آخر، وبعد سيطرة النظام على مناطق جديدة في أرياف دمشق وحمص وغيرها، بدأت الحكومة بمحاولات جادّة لإعادة استثمار وتشغيل معامل متوقّفة عن العمل بعد اندلاع الصراع المسلّح في سوريا، كمعمل الرستن للإسمنت.

 

يقول أحد المهندسين السابقين في المعمل لمجلّة صُوَر "بعد تعرّض المعمل للقصف والاستهداف المباشر عدّة مرّات، ألحقت الضرر بأجزاء منه، إضافة لسرقة بعض التجهيزات، توقّف عن العمل، وبعد هدوء المنطقة، بدأ النظام بالتفكير بإعادة تشغيله، لكنه عاجز مالياً وفنّياً عن الأمر، ممّا دفع القطاع الخاصّ للدخول على الخطّ، وتقديم عروض للنظام بإجراء صيانة وإعادة تأهيل شاملة له، مقابل استثماره لمدّة طويلة".

 

ويتابع "بدأت شركة خاصّة بالبحث عن كوادر وخبرات المعمل القديمة تمهيداً لصيانته وتشغيله، لكن صعوبات عديدة تعترض العمل، أبرزها عدم القدرة على تأمين بديل للآلات المتضرّرة، والتي كانت تأتي من أوروبا، وخصوصاً إيطاليا، ما يدفعهم لمحاولة تأمنيها من روسيا وإيران، وهنا تواجههم صعوبات فنّية أخرى بسبب اختلاف الصناعة الأوروبية عن الروسيّة".

 

ويضيف المهندس لمجلّة صُوَر "تدفع الشركة الجديدة رواتب عالية للمهندسين، ويبذلون جهوداً كبيرة للبحث عن الموظفين القدماء، الذين غادر الكثير منهم سوريا منذ عدّة سنوات".

 

تلوّث عالٍ

 

تُعتبر صناعة الإسمنت ومواد البناء من الصناعات الملوّثة إلى حدّ كبير، ما دفع عدداً من الدول لإغلاق المعامل على أراضيها، وافتتاحها في بلدان أخرى، تحت ضغط المؤسّسات الحكومية وغير الحكومية المعنيّة بالبيئة.

 

ويعاني سكان المناطق المجاورة لغالبية معامل الإسمنت في سوريا، من التلوّث المستمرّ وأمراض مختلفة نتيجتها.

 

يقول جوني، وهو طبيب يعمل بالقرب من معمل طرطوس لمجلّة صُوَر "منذ عدّة سنوات لم تتوقّف مداخل المعمل عن اصدار الغازات الملوّثة والروائح الكريهة، جميع المزروعات مكسوّة بطبقة رقيقة من هذه المواد، والأمراض الصدرية والتنفّسية منتشرة بشكل ملحوظ، مقارنة مع مناطق أخرى عملت بها".

 

ويتابع "لا توجد دراسات دقيقة حول الموضوع، لكنني لاحظت انتشاراً ملحوظاً للأمراض التنفّسية والصدرية، والربو الطفوليّ، إضافة لسرطانات متنوّعة".

 

ويضيف "هذه الغازات عبارة عن ملوّثات متنقّلة، خصوصاً من الغبار المتطاير والذي يتساقط على المزروعات ويتغلغل مع التربية، بعد ذلك تُجنى المزروعات وتُباع في المحافظات المجاورة، ما يشكّل خطراً متنقّلاً على الناس".

 

أمّا سمير (اسم مستعار) موظف في معمل طرطوس، فيقول للمجلّة حول أسباب التلوّث "هناك فلاتر رُكّبت بعد عام 2002 تتطلّب منظومات كهربائية عالية الجهد لتشغيلها، وبسبب انقطاع الكهرباء المستمرّ، وعدم انتظام الكهرباء، فإنها تسبّب عدم استقرار عملها، إضافة لوجود فلاتر معطّلة. حاول العام الفائت مجموعة من الفنّيّين السورييّن والإيرانيّين الذين قدموا خصّيصاً للصيانة، لكنهم لم ينجحوا في صيانتها، فهي بحاجة للاستبدال بشكل كامل، أو بحاجة للشركة التي ركّبت المعمل، لأنها الجهة الوحيدة العليمة بتفاصيل المعمل، وهذا ما لا يمكن تحقيقه الآن بسبب العقوبات، ورفض الفنّيّين الأوروبّيين العمل في سوريا خوفاً من الوضع الأمنيّ".

 

صناعة سوريّة عريقة

 

تُعتبر صناعة الإسمنت من أعرق الصناعات الحديثة في سوريا، وتأسّست الشركة الوطنية لصناعة الإسمنت ومواد البناء عام 1930، وأسّس أولى معاملها وهو شركة إسمنت دمّر في نفس العام بين منطقتي دمّر والهامة وفق المواصفات الفنّية الإنكليزية، واللتين كانتا بعيدتين عن العاصمة دمشق آنذاك، ومع قدوم ثورة الثامن من آذار عام 1963، صدر قرار عام 1965 عن حكومة الثورة يقضي بتأميم المعمل بالكامل، ومع التوسّع العمراني للعاصمة واقترابها من منطقته، خرجت مطالبات بضرورة توقّفه عن العمل، خصوصاً بسبب موقعه الجغرافيّ في منطقة ذات طبيعة جميلة، شكّلت رئة دمشق ومتنفّساً لأهالي المدينة، طالما تغنّى بها الشعراء والفنّانون.

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard