info@suwar-magazine.org

وسط الفساد والمحسوبيّات من منظمات وجمعيات مدنيّة: شبابٌ في دمشق يجهدون لتقديم العون ومواصلة العمل

وسط الفساد والمحسوبيّات من منظمات وجمعيات مدنيّة: شبابٌ في دمشق يجهدون لتقديم العون ومواصلة العمل
Whatsapp
Facebook Share

 

أن تعيشَ في مدينة دمشق اليوم، يعني أن تكونَ مُجَمَّد العواطف والأحاسيس، منزوعَ الذاكرة تجاه مدينةٍ طالما ألِفْتَها بحنوّها وحيوتها المفعمة بكل ما هو جميل، دمشق اليوم تعني أن تعيش يومك ولا تفكر بالغد، لا تفكر ما هو مصيرك اليوم، وما هو مصير من حولك، ما هي أحوال فقراء من حولك.

 

 إحساسٌ غريب تكيفَ معه كل من فضَّلَ البقاء هنا. تسيرُ في الشارع والحياة طبيعية، لكن في داخلك يقين أن هناك أشياء خطيرة تحصل في كل لحظة". هكذا تروي الناشطة سيما عربيني يومياتها في المدينة التي وُلِدتْ فيها.

 

وتتابع سيما: "رغم كل هذا الألم هناك من يقاوم. الكثير من الشباب يحاولون تناسي الواقع اليومي، متَّجهين نحو أعمال ونشاطات تُرمِّم ما خلفته الحرب في السنوات الماضية. كثير منهم ورغم الصعوبات المالية والدراسية، تراه يتطوع مع هذه الجمعية، أو يعمل جزئياً مع تلك، بهدف تقديم العون للمحتاجين".

 

وتضيف "إذا أطلَّ أحد موظفي الأمم المتحدة من شرفته على دمشق، لابد أنه سيرى المدينة المتعبة بكل تفاصيلها، ولابد أن يلحظ ألوان الأبنية التي لم تعد ترمم منذ سنوات، ولابد أنه سيشاهد الأحياء التي سويت بالأرض ولم يُعد بنائها. مؤكد أن موظف الأمم المتحدة يجوب شوارع العاصمة يومياً بسيارته الفارهة، ويرى في زاوية كل شارع طفلاً متسولاً لقمة عيشه، التي حرمته إياها الحرب المستمرة في البلاد مند سنوات، يكفيه أن يجول ليلاً بسيارته ليلاحظ كم الشابات اللواتي يعملن بالدعارة، ويقفن يومياً بالقرب من إشارات المرور باحثات عن زبون، يلقي لهم بعض المال يساعدهم في مواصلة العيش في عاصمة زاد سعر كل شيء نحو 12 ضعف خلال سبع سنوات".

 

يقول عبد الملك متطوعٌ في الهلال الأحمر لـ مجلة صُوَر "بدأتُ العمل مع الهلال الأحمر منذ نحو خمس سنوات، في مجال الزيارات الميدانية والاستبيانات، يومياً أزور عشرات البيوت لدراسة أوضاع الأُسَر فيها، الأُسَر المحتاجة تترقَّب زيارتنا بالساعة والدقيقة علَّنا نقدم لها شيئاً يساعدها لتحمل أعباء الحياة اليومية".

 

ويتابع "هذا العمل يوفر لي دخلاً شهرياً يقدَّر بخمسين ألف ليرة، إضافة لإحساس عالي بمساعدة الآخرين والرضى عن الذات، في دمشق هذا سقف ما يمكن أن يفعله شاب مثلي، أما الحديث في السياسة والشأن العام فهو أمر محظور، عادت دمشق كما كانت قبل عام 2011، مدينةٌ صامتة، ولكن بأضعاف مضاعفة.

 

فِرَق تَطَوُّعية تمنح بعض الاستقلالية

 

بعد عام 2011 انتشرت ظاهرة تشكيل الجمعيّات المدنية المعنية بالمساعدات الإغاثية، والتي كانت تتطلب موافقات أمنية كشرط لبدء عملها، إضافة لوجود شخص صاحب نفوذ تجاري أو أمني بالقرب منها، لتأمين الغطاء الأمني لنشاطها، وخلال السنتين الماضيتين أصبح الأمر أكثر صعوبة نتيجة التشديدات الأمنية عليها، ليبدأ الشباب بإيجاد حلول بديلة أبرزها تشكيل الفرق التطوعية شبه المستقلة، والتي تضمّ عدداً من الشباب والشابات، يعملون بالتعاون، أو تحت مظلة منظمات كبيرة الهلال الأحمر، أو الجمعيات الخيرية الأخرى.

 

 

يقول زياد لمجلة صُوَر "لا أريد أن أعمل بمنظمة يقوم مديرها يومياً بالاتصال مع الأمن لتقديم تقرير يومي عن المتطوعين، للحفاظ على كرسيه فيها، لذلك اتفقت مع عدد من الشباب على تشكيل فريق لتتبع الأطفال المشردين في الشوارع، نقوم باستقصاء أحوالهم، ثم نتعاون مع الجهات المعنية لانتشالهم من هذا البؤس".

 

ويتابع "طريقة العمل هذه وفرت استقلالاً نوعياً لنا، فلَسْنا محسوبين على أحد، بالمقابل فإن التعاون مع جهات رسمية يؤمن لنا قدراً من الحماية الأمنية تجنِّبنا الاعتقال من قبل أي دورية أمنية نتيجة تجمعنا كفريق عمل في الشارع، هذا هو المتاح لنا، نحاول التكيُّف معه والعمل بسياسة، في محاولة لإنقاد هؤلاء الأطفال المشردين".

 

اقرأ المزيد:

 

 

"الجامعات السوريّة بين الواقع المتردّي والمستقبل المجهول"​

 

الأمانة السورية للتنمية

 

بدأت الأمانة السورية للتنمية عملَها في عام 2001، لتكون واجهة اجتماعية لأنشطة أسماء الأسد، ولتضفي وجهاً جديداً على العائلة الحاكمة، تحاكي سلوك العائلات الحاكمة في أوروبا وأمريكا، من خلال الأعمال الخيرية والإنسانية.

 

يقول أحد الموظفين في الأمانة السورية رفض ذكر اسمه للضرورة الأمنية "جاء تشكيل الأمانة السورية، بناء على مشورة من إحدى شركات الرأي العام البريطانية، كانت تعمل على تلميع صورة بشار الأسد في الفترة الأولى لاستلامه الحكم، والتي نصحتْه بضرورة تغيير الشكل العام للأسرة الحاكمة، وإضفاء طابع عصري على ظهورها الإعلامي أمام الرأي العام المحلي والعالمي بشكل خاص، لهذا أبعاد سياسية كبيرة وقتها لذلك أنفق على الأمانة السورية مبالغ مالية ضخمة لتساهم في تلميع صورة الرئيس الجديد، فمقرّ الأمانة الرئيسي في أغلى أحياء العاصمة بالقرب من السفارات الأجنبية في حي المزة-فيلات شرقية، وتخضع لرقابة من القصر الجمهوري مستمرة على أنشطتها، حتى على  أسماء الأسد التي ترأس مجلس إدارة الأمانة، والتي ماتزال تحافظ على اهتمامها الخاص، سواء بالحضور الدائم لمقرها أو المشاركة بأنشطتها المختلفة".

 

ويتابع المصدر "بعد عام 2011، ركَّزت الأمانة على الاهتمام بجرحى الجيش السوري، فأنشأت قسماً خاصاً على نفقتها في مشفى حاميش لتركيب الأطراف الاصطناعية، إضافة لأنشطة اجتماعية داعمة للبيئة الشعبية الحاضنة للنظام السوري خصوصاً في الساحل السوري، كحفلات الزواج الجماعي، وتكريم المتفوقين من أبناء المنتسبين للجيش السوري وميليشياته". ورغم فرض عقوبات على العائلة الحاكمة في سوريا، فإن شريحة من رجال الأعمال ماتزال تقدم التمويل والدعم للأمانة.

 

وعن السبب يشرح ذات المصدر لـ مجلة صُوَر "يستمر هؤلاء بدعم الأمانة، من أجل الحصول على امتيازات مستقبلية، هذه الطبقة تفكِّر على المدى الطويل، فالأمانة ونشاطها الإنساني، واجهة لعلاقات مافيوية مع القصر الجمهوري والدائرة المصغرة من الحكم، هؤلاء يدفعون وأعينهم نحو السيطرة على قطاعات تدِرُّ أموالاً مضاعفة لما يقدموه". 

 

 

إضافة لذلك كانت الأمانة قد تلقت مساعدات من وكالات تابعة للأمم المتحدة، بين عامي 2013 و2015 مساعدات مالية من الأمم المتحدة قدرت نحو 8 مليون دولار، الأمر الذي دفع الصحافة العالمية لـ اتِّهام الأمم المتحدة بمساندة النظام السوري.

 

ونتيجة توقف الأمم المتحدة عن الدعم، وجدت الأمانة طرقاً التفافية للحصول عليه، كالاستيلاء على بعض من المساعدات المقدمة للهلال الأحمر، وغيرها من الجمعيات.

 

قضية الفورسيزون

 

في آذار من عام 2018 اشترى رجل الأعمال المقرَّب من النظام السوري سامر الفوز أشهر وأكبر فنادق العاصمة دمشق من مالكه الأمير السعودي الوليد بن طلال.

 

ويعتبر الفندق المفضل لدى موظفي مكاتب الأمم المتحدة الدائمين والمؤقتين في العاصمة، لخدماته عالية الجودة، وتوسطه العاصمة مما يوفِّر حماية أمنية بعيداً عن المعارك التي كانت تدور على أطراف العاصمة في السنوات السابقة.

 

وفي حزيران الفائت أعلنت سلسلة فنادق فورسيزونز أنها توقفت عن إدارة الفندق، وأتى القرار على خلفية فرض وازرة الخزانة الأمريكية عقوبات أمريكية على 16 عشر كياناً وفرداً متورطين بتقديم الدعم للنظام السوري، على رأسهم مالك الفندق سامر الفوز.

 

وكانت صحيفة الجارديان البريطانية قد فجَّرت في تحقيق صحفي لها فضيحة من العيار الثقيل أثبتت فيه أن مكاتب الأمم المتحدة تدفع يومياً ما مقداره 26 ألف دولار كأجور إقامة في هذا الفندق الفخم، أي ما يزيد عن 9 مليون دولار سنوياً، تذهب لجيب أكبر رجال الأعمال التابعين للنظام.

 

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard