اللجنة الدستورية: ماذا يقول عنها السوريون في الداخل
بعد أن بدأت اجتماعات اللجنة الدستورية السورية الأسبوع الماضي بمشاركة ممثلين عن النظام والمعارضة والمجتمع المدني، وبإشراف من الأمم المتحدة، تصاعدت ردود الأفعال من الشارع السوري على قيام هذه اللجنة. فمن السوريين من اعترض على توقيتها، ومنهم من كان له الاعتراض على مكانها وأعضائها، ومنهم من أيّد مباشرتها بأعمالها.
حاولت مجلة صور رصد آراء البعض من السوريين المقيمين داخل سوريا، وإجراء استطلاع حول ذلك.
يقول حسان خلبوص وهو طبيب أسنان، يعيش في دمشق "مشكلتنا في سوريا ليست مع الدستور بغض النظر عن الحاجة لتغييره أم لا، فالفكرة الأساسية هي في تطبيق الدستور، والقوانين على كل أفراد الشعب السوري بشكل متساوٍ، والفكرة بتطبيق المواطنة والعدالة والمساواة، ورفع الظلم الاجتماعي والثقافي والاقتصادي. هذه هي المشكلة الأساسية".
وأضاف "أعلم أن اللجنة تتألف من أطراف عدة، وبحسب الفيديوهات المسرّبة من الاجتماعات، فكل شخص لديه فكرة متشبث بها، ويدافع عنها بشكل نص دستوري، هم لم يجتمعوا على مفهوم الوطن هم يريدوا أن يثبتوا وجهة نظرهم بالوطن هم لم يجتمعوا من أجل تغيير الدستور بل اجتمعوا ليثبت كل منهم صحة وجهة نظره، وفرضها بالدستور".
ويوضح الدكتور خلبوص مخاوفه فيقول "نحن لا نعرف ما خلفياتهم القانونية والمعرفية بالدستور، فالدستور يجب أن يصاغ بعد المعرفة الدقيقة والشاملة باحتياجات أفراد الدولة، وبعد الكثير من الجلسات التشاورية مع كامل أطياف الشعب بكافة فئاته وتوجهاتهم وتشعباتهم. والدستور يحتاج إلى من لديهم رؤية للمستقبل وهذا غير موجود لدى اللجنة الدستورية، هم ينظرون لـ 10 او 15 سنة من المستقبل فقط. كما أني شخصياً لدي مشكلة مع حيادية الدستور، فالمعروف أن من يكتب الدستور الآن يكتبه برؤية غير سورية، فكل طرف لديه توجيهات والدستور يُكتب بروح غير سورية كل واحد يطبق وجهة نظر الشخص الداعم، وهذه الطامة الكبرى سيخرجون بدستور يُملى علينا من جهات غير سورية، ولدينا أقرب مثال في لبنان عندما كان دستور الطائف في نهاية الثمانينات لم يستطيعوا الاتفاق عليه لأنه فُرض عليهم".
ويعبّر المحامي عامر الموسى المقيم في دير الزور عن رأيه، فيقول إن الشعب السوري لم يثر من أجل تغيير الدستور، ولا من أجل لجنة دستورية بنكهة الاحتلال الروسي. الحقيقة أن الكثير من السوريين يظنون أن اللجنة الدستورية هي بوابة للحل في سوريا، "لكن وبرأيي الشخصي هي مماطلة جديدة، وتسويف وكسب الكثير من الوقت لصالح النظام السوري، وثبت ذلك من الانسحابات المتتالية في صفوف وأعضاء هذه اللجنة".
كما قال بأن "اللجنة هي فشل يضاف إلى ما فشلت به بعض الفئات التي تسلطت على البعض الآخر من الشعب السوري منذ عام 2012، وإذا ما أردنا الحل الذي يلبي طموحات وتطلعات الشعب السوري، فلا بد من العودة إلى مسار جنيف1".
تعتقد حنان زهرالدين أن العملية الدستورية حاليا هي تجاوز على قرار مجلس الأمن 2254 حيث تقول "رأيي كمواطنة تعيش في الداخل لقد تم تجاوز الكثير من المراحل، وخصوصاً قرار مجلس الأمن 2254 الذي ينص على الانتقال السياسي كمرحلة انتقالية، وعودة اللاجئين والمهجرين الآمنة والإفراج عن المعتقلين/ات كل هذه البنود تعتبر أولوية قبل الحديث عن اللجنة الدستورية، لأن أي دستور في العالم يجب أن يُبنى في بيئة آمنة وفي وعي قانوني من قبل الشعب ليعرف ماذا يقرر، وأن يكون هناك مرحلة انتقالية يتم فيها إعلان مبادئ دستورية لمدة 6 شهور أو سنة، ومن ثم بعدها يُعلَن عن قانون انتخابات تتم فيه التوعية بالدستور، كما أن عملية بناء الدستور تحتاج إلى فترة طويلة، وليست بهذه السهولة التي يتم تصويرها والترويج لها. أتمنى النجاح للجنة لصنع دستور حقيقي يستند على حقوق الإنسان كمرجعية، وأنا شخصياً سأدعم أي خطوة أرى أنها تحقق تقدم للوضع السوري لكني حالياً اعترضت على المشاركة، وأعترض على اللجنة فهي خاطئة في هذه المرحلة، وهي مضيعة للوقت والأمم المتحدة التي من المفترض أن تحمي القرارات هي من تتلاعب وتميع القرارات، وتميع تنفيذها"
اقرأ المزيد:
" اللجنة الدستورية السورية تجتمع الأربعاء بشكل مباشر لأول مرة "
نها بهلوي من القامشلي تقول للمجلة "أنا دائماً مع الحوار وضد الحرب واللجنة الدستورية لزوم ما لايلزم وأعتبرها رفاهية في الوقت الحالي في ظل الحرب ، إن استطاعوا إيقاف الحرب هذا جيد أما ما تبقى فلا أعيره اهتمام، فهم يجتمعون منذ ٨ سنوات دون تحقيق شيء، وأريد أن أنوه إلى أن معظم أعضاء اللجنة لا يحظون بثقة الداخل، ورغم ذلك أتمنى أن يحققوا أي شي إيجابي".
استطلعت مجلة صور آراء مواطنين ممن يقيمون في مدينة السويداء أيضاً فكان موقف موفق أبو خزام غير مختلف عن آراء معظم البقية،، فقد أوضح قائلاً لن تكون هناك أية نتيجة لأن دساتير البلدان عادة تصنع على أراضيها، فلماذا يذهبون إلى جنيف ليصيغوا لسوريا دستوراً جديداً والدستور يجب أن ينطلق من الشعب، فأين الشعب الذي يجب أن يصوت على الدستور؟ وهذا إن دل على شيء يدل على أن من يعد الدستور هي جهات خارجية موجّهة للجنة، ولن يتناسب مع السوريين لأنه معد بأيادٍ غير سورية .
أما أنجيل الشاعر فقالت إن "التوقيت غير مناسب والأعضاء غير مناسبين، فبعض الأعضاء ليس لديهم خلفيات قانونية، ولا ما ينص على العدالة والمساواة، كما أنهم لا يعرفون احتياجات المواطنين، ولا البلد حتى يكونوا مخوّلين للعمل بالدستور".
وأبدت اعتراضها على ما يحدث داخل الاجتماعات من خلال فيديو مسرب حول مشاجرة بين أحد أعضاء وفد النظام ووفد المعارضة، واعتبرته "مخجل" بالنسبة للمعارضين "المعارضين هم من يريدون التغيير، ورغم أن البادئ بالاستفزاز هو شخص من وفد النظام إلا أن الردود كانت تنم عن أشخاص غير مثقفين وغير معنيين بالبلد، وغير مهتمين بما يحصل ما هكذا تدار النقاشات والاجتماعات".
وأضافت" لم أعر اهتماماً للتمثيل النسائي باللجنة فيما إذا كان كاف أم لا لأني لا آمل منهم شيء، فالأشخاص الذين يعرفون فعلاً ما هو الدستور أُحبطوا بالأعضاء المبعوثين من الداخل، والمعارضين المقيمين في الخارج، فهنا في سوريا أناس سياسيون وقانونيون وأشخاص وضعت ثقلها لفهم متطلبات الدستور، وهم أحق بكثير بالذهاب لجنيف من أعضاء اللجنة الدستورية الحالية".
وعلى خلاف من سبق ممن استطلعت مجلّة صُوَر آراءهم فيرى مصطفى اسماعيل المقيم في الرقة الأمور بشكل إيجابي بغض النظر عن النتائج التي ستخرج بها اللجنة الدستورية، فهي على الرغم من أنها إحدى المشاكل التي اختلفت الآراء عليها، ولكنها خطوة إيجابية إذا أكملت عملها لأنها تضمن الانتقال السياسي الذي يريده الشعب، وبناء عليها يجب أن تكتمل السلال الأخرى التي يجب العمل عليها.
كما يظهر مصطفى النقاط السلبية في موضوع اللجنة الدستورية، حيث يرى أن هناك مشكلة في التمثيل لإقليم شمالي وشرقي سوريا قائلاً "للأسف الإقليم لم يمثَّل من الداخل بتاتاً، بل اقتصر التمثيل على المجلس الوطني الكردي، ومجلس العشائر المقرب من تركيا، وبضع شخصيات مستقلة غير مقنعة، وضعيفة وغير معلومة للناس هنا، وهذه ثغرة كبيرة جداً، لأن عدم تمثيل هذا الكم الهائل من الناس الموجودة هنا يعني عدم نقل احتياجات الناس وتمثيلهم تمثيلاً سليماً، وهذه ستكون عقبة أمام الحل السياسي في المرحلة القادمة.
وعن التوقيت لتشكيل اللجنة الدستورية قال مصطفى اسماعيل بالتأكيد ليست صدفة أن ترتفع الأصوات للحديث عن اللجنة الدستورية في أعقاب أي حملة يقوم بها النظام وحلفائه على السوريين، فالروسيون دائماً ما يعمدون للحديث عن ضرورة استكمال الجهود أو تشكيل لجنة تقوم بكتابة الدستور أعتقد الأمر مطلوب منه استثمار سياسي وبعد كل عمل سياسي يحدث انتزاع منطقة ما.
وينهي حديثه فيما يخص الدستور فيقول إن الدستور هو "إشكال أساسي منذ عام 1963 كونه حكر على السلطة، وكانت دائماً مشاركة الأطراف الشعبية غائبة تماماً".
يبدي عهد الصليبي الذي يعيش في إدلب رأيه ويقول بأن لا مشكلة لديه باللجنة الدستورية وإعادة صياغة الدستور لكن المشكلة في تطبيق الدستور بالإضافة إلى أن أعضاء اللجنة الدستورية من المعارضة قبل النظام لا تلقى القبول من الشعب بغض النظر عن توقيت عمله،ا والإشراف عليها من قبل روسيا المشكلة الرئيسية هي عدم العمل بالدستور، وللأسف لاحظت أن أعضاء اللجنة الدستورية من المعارضين غيروا في خطابهم حيث قال أحدهم مصطلح "الدولة السورية أو الحكومة السورية" فقد كانوا سابقاً يستخدمون مصطلح "النظام السوري، أو نظام الأسد" لم أعرف إن كان ذلك التفافاً أو تقرباً من النظام السوري؟
يجيب أحمد الأحمد القاطن في مدينة أعزاز بريف حلب بأن المسار السياسي هو مسار الحل الوحيد للصراعات ولا سيما النزاع السوري، هذا الحل يضمن للدول الراعية لطرفي الصراع تثبيت الاتفاقيات التي تم توقيعها، الحل السياسي تم التوافق عليه من خلال قرار مجلس الأمن 2254 مما يعني أن الأزمة السورية لن تحل إلا بطريقة سياسية، وهنا تكمن أهمية تشكيل اللجنة الدستورية في المفتاح الأول لحل الأزمة التي وصلت عامها التاسع، لذلك الضغوطات الدولية كبيرة على طرفي الصراع للقبول بما يتم التفاهم عليه، وبضمان من الأمم المتحدة التي ستشرف على عملية الانتقال السياسي للسلطة والانتخابات والاستفتاء الشعبي على الدستور الجديد.
"أما عن رأيي باللجنة كأعضاء وتمثيل اللجنة الدستورية ليس منصف أبداً لجهة المعارضة، فهناك شخصيات كثيرة ضمن الحياديين من الشخصيات المحسوبة على النظام القائم، ومن بينها الشخصيات التي تتبع لمنصة موسكو هذا الأمر سيؤثر على القرارات التي ستتخذها اللجنة، ولاسيما أن التوافق سيكون بالغالبية مما يرجح كفة النظام على كفة المعارضة، ولكن لنكن واقعيين أغلب المواد التي ستطرح ستكون من خارج اللجنة أي أن المواد ستكون بتوافق الدول الراعية لطرفي الصراع ."
وعن التوقيت فيقول الأحمد إن الوقت مناسب جداً لعمل هذه اللجنة ولا سيما أن الحرب أوشكت على النهاية وذلك باعتراف روسيا وتركيا داعمي النظام والمعارضة، وأيضاً كان وجود تنظيم الدولة هو القشة التي قسمت ظهر البعير، فبعد الإعلان الأمريكي عن إنهاء التنظيم وقتل قائده طويت صفحة الإرهاب ما تبقى هو جبهة النصرة التي تتكلف تركيا بحلها، وبهذا تنتهي كافة ذرائع محاربة الإرهاب، ومن ثم انتهاء الأعمال العسكرية، فحل جبهة النصرة مسألة وقت لا أكثر بعد فراغ تركيا من عمليتها العسكرية في شمال شرقي سوريا، وتثبيت نقاطها، وبهذا لن يكون هناك أي أعمال عسكرية على الأرض، وستتجه الأطراف إلى حل سياسي توافقي يضمن مصالح الدول الراعية للصراع بعض النظر عن الحاكم لسوريا.
لقد أفضت اجتماعات اللجنة المؤلفة من 150 عضواً في الأسبوع الماضي إلى جلسة مصغرة تتألف من 45 عضواً لمناقشة حيثيات الدستور لتقديم اقتراحات لبنود الدستور ومناقشتها والموافقة على ما يتم الاتفاق عليه لاحقاً.