info@suwar-magazine.org

تنبؤات 2020 على طريقة (حسنكي)

تنبؤات 2020 على طريقة (حسنكي)
Whatsapp
Facebook Share

 

 

عندما كنت طفلاً كانت إحدى هواياتي هي الاستماع إلى قصص كبار السن، في حيِّنا الكائن في المحطة في سري كانيه، وذات مرة سمعت من جارنا حسنكي ((حسن)) قصة مثيرة تقول "إن اليهود سوف يحكمون العالم، ثم بعدها يأتي الكرد وينهون حكمهم ويحررون القدس مرة ثانية ويحكم الكرد العالم، وعندها تكون نهاية العالم على يد قوم يأجوج ومأجوج بعد أن يعبروا الجدار الذي يفصلهم عنا".

 

تنهد ثم أردف قائلاً: - هل تعلم أن قوم يأجوج ومأجوج هم من الصينيين فهم كثر وجميعهم متشابهون ولديهم أطول سور في العالم إنه (سور الصين العظيم).

 

تنهد مرة أخرى وختمها بالجزء الأكثر إثارة حيث أضاف معلومة جديدة إلى ذاكرتي، وقال إن العالم سوف ينتهي في عام ٢٠٠٠.

 نزلت كلماته على مسامعي كالصاعقة فأيامي باتت معدودة!!!

 

مات جاري البسيط والطيب (حسنكي)، ومازالت روايته تعشش في ذاكرتي. هذه الرواية التي تشكل مزيجاً غريباً بين التاريخ والمستقبل، والدين والقومية وأشياء أخرى اجتماعية وثقافية، ولم تكن هذه الرواية هي الوحيدة في تكوين ذاكرتي، فبالعودة إلى الماضي أجد أن هناك أحداثاً كبيرة وجوهرية "سلبية كانت أم إيجابية" حدثت في محيطي ففي الثمانينات وبداية التسعينات تم قصف (حلبجة) بالكيماوي، وتم إعلان الملاذ الآمن للكرد في كوردستان العراق، وفي العام ٢٠٠٠ مات حافظ الأسد، ووصل بشار إلى سدة الحكم. وقتها شعرت بخيبة أمل لأن نبوءة حسنكي لم تتحقق. لم أشعر في حينها بأهمية التغيرات في السلطة.

 

 وفي نهاية عام ٢٠١٠ أشعل بوعزيزي النار في جسده، وبدأت الثورة في تونس وكان حدثاً عظيماً لأني شعرت أن رياح التغيير القوية أصحبت على مقربة منا.

 

والآن ونحن على أبواب عقد جديد وعلى طريقة جاري حسنكي أتساءل ماذا يخبئ لنا عام ٢٠٢٠؟ وماهي السيناريوهات المحتملة في سوريا والمنطقة؟

 

السيناريو الأول: في الشمال الغربي استمرار الوضع على ما هو عليه من خلال الاستمرار في رسم خرائط النفوذ، وجعلها أكثر وضوحاً من خلال تسليم خط M4  و M5 للروس والحكومة السورية بشكل كامل، واستعادة كامل ريف حماه وحلب، وإبقاء أجزاء قليلة من إدلب تحت السيطرة التركية وجبهة النصرة، وبالتحديد جبل الزاوية.

 

أما في الشمال الشرقي سوف تستمر لعبة الكراسي الموسيقية من خلال تبادل قرى وأحياء إلى حين رسم كامل ملامح الخريطة، مع زيادة القبضة الأمنية للأمريكان على مناطق النفط، وقد نشهد دوراً أكبر للسعودية والإمارات، غير أن كوباني محل قلق كبير، وقد نشهد سيطرة تركية عليها مقابل تنازلات في الشمال الغربي.

 

اقرأ أيضاً:

 

قراءة في مسارات وتحالفات الحلّ السوريّ

وفي الجنوب استمرار الوضع على ما هو عليه مع وجود فوضى أمنية كبيرة على المستوى المحلي. هذا على المستوى الأمني.

 

أما على المستوى السياسي فسيكون هناك استمرار لصراع الدب والثور بين جنيف والآستانة مع ترجيح كفة مجموعة الآستانة مما يساهم في زيادة هشاشة، وتعطيل العملية السياسية التي سوف يرافقها تراجع الاهتمام الدولي بالعملية السياسية، وفقدان المعارضة للدعم، وقد نشهد موتاً سريرياً لبعض الأجسام السياسية مع بروز محاولات لتشكيل أطر جديدة.

 

السيناريو الثاني: هي تغيرات كبيرة على المستوى الأمني والسياسي وهذا مرهون بحدوث تغيرات كبيرة في قيادة البيت الأبيض، وإذا ما حدث فسوف يشكل منعطفاً هاماً ليس فقط للأمريكان، وموقفهم ولكن أيضاً لمواقف الدول الأوربية، فقد نشهد عودة الصراع في الشمال الشرقي، وقد نشهد محاولات جدية لإخراج تركيا من الشمال الشرقي، وإعادتها إلى سيطرة قسد، وأيضا قد نشهد عودة الصراع بين المعارضة والنظام في كل من الشمال الغربي والجنوب السوري، وخصوصاً في درعا.

 

وعلى المستوى السياسي فقد تؤدي هذه التغيرات إلى ميلاد عملية سياسية جديدة مختلفة متقاطعة بذات الوقت مع جنيف وآستانة.

 

وفي كل من السيناريوين سوف تزداد الأوضاع الإنسانية سوءاً للسوريين في ٢٠٢٠، وخاصة للنازحين واللاجئين متأثرةً أولاً باستمرار العمليات العسكرية، وغياب آفاق الحل السياسي، وتدهور الاستقرار في بعض دول الجوار، وتراجع اقتصادي لبعضها الاخر، وأخيراً تأثير العقوبات والقوانين الجديدة على السوريين سيكون مؤلماً، ومع توجه المانحين للاعتماد أكثر على منظمات المجتمع المدني في مناطق السيطرة المختلفة لضمان استمرارية الدعم للسوريين سوف يخفف من هذه المعاناة، ولكن لن تكون كافية وحدها.

 

وفي الختام مما لا شك فيه أن الوضع في سوريا يحتمل جميع السيناريوهات المتوقعة وغير المتوقعة، ولكن بالنظر إلى شكل الاتفاقيات الأمنية التي يتم إبرامها وبالنظر إلى شكل الحلول السياسية التي يتم العمل عليها، والتي تساعد على إعادة إنتاج الصراع، وشحن بطاريات آلة الحرب.

 

شخصياً أتوقع خلال العامين المقبلين أن نشهد انفجاراً للوضع في سوريا من جديد، وبشكل أعنف بين الدول الإقليمية والدولية من خلال الاستعانة بحلفائها المحليين، كما أتوقع بروز تحالفات سياسية جديدة مقابل تراجع لتحالفات أخرى.

 

هذا التوقع مبني على مدى تأثير الوضع في المنقطة -وخاصة في العراق ولبنان - على اللاعبين الإقليمين والدوليين، وأيضاً على تغيرات في إدارة البيت الأبيض فقد نشهد نهاية سوداء لترامب، كما لايمكننا الاستهانة بالقرارات والقوانين الجديدة في أمريكا وتأثيراتها على سوريا والمنطقة وخاصة قانون قيصر.  وأخيراً التطور الأخير المتمثل في دخول تركيا إلى ليبيا سيدفع المصريين وحلفائها العرب نحو الانخراط أكثر بالملف السوري من بوابة قسد.

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard