info@suwar-magazine.org

الفوز القطّان وقاطرجي يتسيّدون المشهد الاقتصاديّ.. انقلابٌ داخل طبقة رجال الأعمال في سوريا

الفوز القطّان وقاطرجي يتسيّدون المشهد الاقتصاديّ.. انقلابٌ داخل طبقة رجال الأعمال في سوريا
Whatsapp
Facebook Share

 

القحف: الأسماء التقليديّة مسكت العصا من منتصفها

دراسةٌ: 200 رجل أعمالٍ يستحوذون على الاقتصاد كلياً

 

 

يتصدّر المشهد الاقتصاديّ السّوريّ رجال أعمالٍ جددٌ، أتوا من خارج الطبقة البّرجوازيّة التّقليديّة المعروفة في سوريا، أو تلك الطبقة التي سطع نجمها عقب الانفتاح الاقتصاديّ 2005. وتنحسر الأسماء الوازنة في عالم الأعمال إلى الحدود الضّيقة جداً، وبعضها يغيب تماماً عن المشهد الاقتصاديّ، في حالةٍ لم يشهدها مجتمع الأعمال السّوريّ منذ ستينيات القرن الماضي، عقب سنوات التّأميم والتّحول الاشتراكيّ المثير للجدل، الذي رسم ملامح المرحلة اللاحقة بأسماءٍ جديدةٍ. وكما حدث عقب الأحداث الداميّة مطلع الثمانينيات، إذ طفت أسماءٌ معيّنةٌ على السّاحة الاقتصاديّة، احتكرت العمل وفقاً لمحاصصة قسّمها النّظام، فإنّ الطّبقة الجديدة لرجال أعمال سوريا في العقد الثاني من هذه الألفية أتوا من خارج الصندوق التقليديّ.

 

نفوذ رجال الأعمال

 

إنّ التّحولات السّياسيّة التي شهدتها سوريا في العقود الستة الأخيرة، أفرزت طبقة أعمالٍ جديدةً، سرعان ما تغيرت عقب التّحول اللاحق، ما يفسر الدّور المخفيّ الذي يلعبه رجال الأعمال سياسيّاً، وإن تخفوا بلبوس العمل الاقتصاديّ. إذ فضّلت عائلات تقليديّة الانزواء، دون أن تتخلى عن أعمالها، منذُ اندلاع الثورة السّوريّة 2011، وتحولها لاحقاً لحربٍ مدمرةٍ. لكن السّاحة الاقتصاديّة لم تخلُ من الأسماء الجديدة، التي ركبت العربة الاقتصاديّة التي يقودها النّظام، ويوزع من خلالها العطاءات على رجال الأعمال. فتأسست امبراطورياتٌ تجاريّةٌ جديدةٌ تعمل بكلّ مناحي الاقتصاد، أبرزها تسيّد ثلاثة رجال أعمالٍ جددٍ المشهد الاقتصادي السوري هم: سامر الفوز، وعائلة قاطرجي، ووسيم القطان، إضافةً إلى استمرار مملكة رامي مخلوف الماليّة المستحوذة على الحصة الأكبر من الاقتصاد السّوريّ، فضلاً عن محمد حمشو وغيرهم. فكيف سطع نجم الفوز والقاطرجي والقطان في سماء الاقتصاد السّوريّ؟ الجواب ببساطة ليس بحجم الولاء للنظام، إنّما ببحث النّظام عن أسماء جديدةٍ يعوّمها، مقابل انحسار دور السابقين من طبقة الأعمال.

 

يقول الدكتور منير الحمش في كتابه (الاقتصاد السّوريّ في أربعين عاماً): إنّ تعبير رجال الأعمال هو "تعبيرٌ جديدٌ بدأ يحمل في طياته بعداً سياسيّاً، ويرتبط مفهومه بمفهوم النّخبة"، ويقابله لُغويّاً من النّاحية الاقتصاديّة تعبير القطاع الخاص، "لكن في فئات هذا القطاع العليا"، وبالذات "الشريحة العليا الفاعلة منه بنفوذها الماديّ والمعنويّ". ويضيف الحمش في كتابه الصادر 2011 في بيروت: يشمل هذا المصطلح اجتماعياً أصحاب رؤوس الأموال، أيّ الطبقة الرأسمالية التي أصبح يرتبط دورها "بتصاعد نفوذها الاقتصاديّ والسّياسيّ والاجتماعيّ، وبظاهرة التزاوج بين المال والسّلطة، ووصول هذه الشّريحة إلى لعب دورٍ أساسيٍّ في السلطتين التشريعيّة والتنفيذيّة". وفي كتابه، الذي يُعدّ دراسةً تحليليّةً للتطورات الاقتصاديّة والاجتماعيّة في سوريا 1970 ـ 2010، يقسّم الحمش رجال الأعمال إلى: التّجار والصّناعيين التقليديين، والوسطاء والسّماسرة، والفئة الثالثة هم رجال الأعمال الجدد الذين بدأوا بالتشكل مع الانفتاح الاقتصاديّ، ولبسوا لبوس العولمة، وقادوا مرحلة الانفتاح باتجاه الأعمال السّياحيّة والعقاريّة والمضاربات والاتصالات. ويصف الحمش هؤلاء "بالطبقة الجديدة" التي تتكرر أسماء بعضهم من خلال المساهمين الأساسيين في المصارف، وشركات التأمين والشركتين القابضتين (شام وسوريا) وشركتي الاتصالات الخلويّة ويقدر عددهم "بين 150 إلى 200 رجل أعمالٍ جديدٍ".

 

 

الانعطاف الأول

 

اختفت الأسماء اللامعة التي أسست أكبر شركتين قابضتين، سوريا وشام. إذ أسس شام القابضة 70 رجل أعمالٍ في 2007 من أبرزهم رامي مخلوف، نبيل الكزبري، عماد غريواتي، محمد صبّاغ شراباتي، نادر قلعي، وليد الزين، عصام أنبوبا، سمير حسن، هاني عزوز، وعمر كركور، برأسمال 350 مليون دولارٍ (18.25 مليار ليرةٍ آنذاك). وترأس أول مجلس إدارةٍ للشركة الكزبري ونائبه مخلوف، وفي أول اجتماعٍ سنويٍّ للهيئة العامة غير العادية لشام القابضة عقب اندلاع الثورة، وبعد تأخيرٍ لنحو أربعة أشهرٍ (انتهت ولاية المجلس في نيسان، وعقد الاجتماع في تموز 2011) انتخِب مجلس إدارةٍ جديدٌ برئاسة الوزيرة السّابقة ديالا الحج عارف، ودخل إلى مجلس الإدارة من المؤسسين فارس الشّهابي وخليل طعمة، ووزير الصناعة الأسبق أحمد الحمو إضافةً إلى سامي بركات؛ أحد المديرين في الشركة. واختفى أعضاء مجلس الإدارة الأول الذين كانوا يفاخرون بانضمامهم سابقاً للشركة، في انعطافٍ أولٍ ردّاً على مجريات الثورة السّوريّة وتطوراتها ومآلاتها. وبالمسطرة ذاتها يقاس على شركة سورية القابضة التي أسسها 23 من كبار رجال الأعمال 2007، برأس مالٍ وقدره أربعة مليارات ليرةٍ سوريّةٍ (أكثر من 90 مليون دولارٍ في تلك الفترة). وعقب التأسيس انتخب المؤسسون أعضاء مجلس الإدارة للشركة برئاسة هيثم صبحي جود، ونائبه طريف الأخرس، وحسان الدبس أميناً للسر، وبعضوية كلّ من رودلف جاك سعادة، ناجي شاوي، مازن مرتضى، سامر العطار، عماد الفاضل، وسعيد الزعيم.

 

وفي آواخر نيسان 2011 عقدت الشركة اجتماع الهيئة العامة السّنويّ، وانتخب مجلس إدارةٍ جديدٌ، حافظ فيه جود على منصبه كرئيسٍ، لكن سُجّل خروج عدد من أعضاء مجلس الإدارة الأول (الأخرس، سعادة، مرتضى، الفاضل، العطار) وعيّن الزعيم نائباً للرئيس، وحافظ الدبس على عضويته في مجلس الإدارة مع دخول كلاً من: ريم عبد الغني ناصر، عبدو منير، سعدالله كردي، رامي حوريـة، غياث الحبال، وكريم خوندة. لتبدأ بذلك بوادر الخروج المتتالي لطبقة رجال الأعمال من المشهد الاقتصاديّ الرسميّ.

 

منتصف العصا

 

كانت طبقة الأعمال التقليديّة دمشقياً؛ الشلاح والقلاع والعطار وحبوباتي وحسن والنحاس وغريواتي وبيتنجانة والأيتوني.. الخ، وفي حمص؛ الإخوان والأخرس وأنبوبا، وحلبياً؛ شرباتي والعلبي وعزوز والشهابي وزيدو والمعروف، فضلاً عن عائلات جود والزين وجابر في اللاذقية ومرعي وخوندة بطرطوس، وكنامة بدير الزور، وبالتأكيد القائمة تطول، وتتعدد الأسماء المعروفة بدورها التجاريّ والصناعيّ، لكنها فضلت التريث وربما الانزواء. هذه العائلات؛ أو الأسماء التقليديّة، برأي رئيس تحرير جريدة (بورصات وأسواق) أيمن القحف، "مسكت العصا من منتصفها". ويقول القحف المقرب من كبار رجال الأعمال: إن هناك نحو 90% من هؤلاء حافظوا على أشغالهم ومنشآتهم، وذهب بعضهم إلى دبي ومصر ولبنان وأوروبا.. الخ، لكن الأغلبية منهم حافظت على أعمالها في سوريا، بينما تسلم آخرون الإدارة.

 

ويضيف رئيس تحرير موقع (سيريانديز) الإلكتروني في حديثه لـ (صور): إنّ العائلات التاريخية ظلّت تعمل مع انحسارٍ، وإقامة نسبةٍ كبيرةٍ من أفرادها في الخارج خوفاً، وربما لتكون محايدةً. ويشرح موقفه بالقول: بعض هذه العائلات تعرض أفرادها للتهديد والخطف، ما دفعهم لترك منشآتهم تعمل، باستثناء بعض المناطق المدمرة التي يوجد فيها منشآت يعاني أصحابها من مشكلاتٍ كبيرةٍ، خاصةً المقترضين من المصارف.

 

الثالوث الجديد

 

إقصاء عددٍ من العائلات العريقة في العمل الاقتصاديّ، قبل الحرب (نادر قلعي) هو نهجٌ له علاقةٌ بحساباتٍ معينةٍ، أما بعد الحرب (غريواتي أنموذجا) فيتعلق الأمر بالاصطفاف السياسيّ.

 

في مؤتمر رجال الأعمال والمستثمرين في سوريا والعالم الذي عُقد في تموز 2018 بدمشق، ظهر عددٌ من رجال الأعمال الذين ربما نسيهم الشّارع السّوريّ، ثبّتوا حضورهم على قائمة رجال أعمال حكومة دمشق، وحافظوا على مقاعدهم المحجوزة منذُ زمنٍ طويلٍ، رغم أنّهم ركبوا أول طائرة عقب اندلاع الثورة، وهذا لا يعني إطلاقاً أنّهم حزموا مشروعاتهم معهم، بل بقيت المشاريع تعمل، بشكلٍ أو بأخر، أداروها من عاصمتي المال العربيتين: بيروت ودبي.

 

اجتماع الشيراتون الذي نظمه اتحادا غُرف الصناعة والتجارة، يعكس إلى حدٍّ بعيدٍ طبقة رجال الأعمال التي ستقود الاقتصاد خلال الفترة القادمة، الذين قدموا مبادرةً لدعم الليرة غير واضحة المعالم، ولم تثمر عن ضبط سعر الصرف، وكبح جماح الدولار الهائج أمام الليرة الضعيفة، هؤلاء الذين يقودهم ثالوث الاقتصاد السّوريّ الجديد (الفوز وقطان وقاطرجي) يستقطبون رجال أعمالٍ آخرين. غاب كثيرون بملاءة ماليّة أقوى. كما لا يمكن إغفال مؤشرين مهمّين، الأول وفد رجال الأعمال السّوريّ، الذي شارك في افتتاح معبر نصيب الحدوديّ مع الأردن في تشرين الأول 2018، وإيفاد النّظام السّوريّ نحو 60 رجل أعمالٍ للمشاركة في ملتقى الأعمال السّوريّ الإماراتيّ في كانون الثاني 2019 في أبو ظبي، أبرزهم محمد حمشو ونظريت يعقوبيان، وعصام أنبوبا، وسامر الدبس، ولبيب الإخوان، ووسيم القطان. والسؤال ماذا عن الثالوث الجديد للاقتصاد السّوريّ؟

 

قاطرجي والثروة الغامضة

 

لم يُسجّل لعائلة قاطرجي أيّ نشاطاتٍ تجاريّةٍ أو اقتصاديّةٍ معروفةٍ قبل سنوات قليلة، لكن العائلة التي تنحدر من الرقة، وتضمّ الأشقاء الثلاثة حسام (عضو مجلس الشعب) وبراء ومحمد آغا، يستحوذون على تجارة النفط، وسطع نجم الشّبان الثلاثة بقوةٍ في مختلف مجالات الاستثمار لا سيّما البتروليّة منها، وإدارتهم لميليشيا مسلحةٍ، التي قد تكون مصدر ثروتهم الغامضة ولكنّها طائلةٌ. ويملكون مجموعة قاطرجي الدوليّة، التي تضمّ شركات: قاطرجي للصناعات الهندسية الميكانيكيّة، أرفادا البتروليّة، حلب المساهمة المغفلة القابضة، أليب للاستثمارات والحلول التقنيّة، جذور للزراعة وتربية الحيوان، وفولاذ للصناعة المعدنيّة، وآرمان للإدارة الفندقيّة والسياحيّة، وقاطرجي للتجارة والنقل، والذهب الأبيض الصناعيّة، وقاطرجي للتطوير والاستثمار العقاريّ. كما تمتلك العائلة قوات قاطرجي وهي مليشيا مسلحةٌ تعمل كقوةٍ رديفةٍ مع النّظام السّوريّ لا سيّما في مجال حراسة آبار الغاز، ومرافقة الحمولات، وتركز نشاطها في نقل النفط من المنطقة الشرقيّة إلى المصافي. ولا توجد إجابةٌ حول سؤالٍ يتعلق بمصدر الثروة الطائلة الموزعة على الشركات المذكورة؟

 

اقرأ أيضاً:

 

السوريون بحاجة لمعجزة اقتصادية تنقذهم من المجهول

 

الفوز والصعود الصاروخيّ

 

يثير رجل الأعمال سامر الفوز الجدل، ليس لجهة دخوله عالم الأعمال، فعائلته تعمل في مجال تجارة مواد البناء منذُ نحو ثلاثة عقودٍ، لكن لجهة الصعود الصاروخيّ له، وامتلاكه لشركاتٍ متنوعةٍ تعمل في مختلف القطاعات، واستحواذه على حصص وازنةٍ في المصارف الخاصة (البركة، وسورية الدوليّ الإسلاميّ) والفنادق، وشرائه ممتلكاتٍ اقتصاديّةٍ كثيرةٍ، أبرزها ما يعود لعماد غريواتي، ومجموعة حميشو الاقتصاديّة، وحصة الوليد بن طلال في فندق فورسيزنز دمشق، ما يعكس ملاءة ماليّةٍ ضخمةٍ، يتساءل الشارع عن مصدرها؟ ويشغل الفوز رئيس مجلس الإدارة في مجموعة أمان القابضة، وشركة صروح الإعمار التي هي حصيلة دمجٍ بين مجموعة أمان القابضة ومجموعة حميشو الاقتصاديّة، والرئيس التنفيذيّ لشركة أمان القابضة، ومالك شركة إيمار الشام للإنتاج الفني ومطعم نادي الشرق، وهو شريكٌ في فندق فورسيزنز دمشق منذ 2018، وشركة م.ي.ن.أ للسكر الكريستال 2017، ومؤسس جمعية الفوز الخيريّة 2015. والفوز شريكٌ مؤسسٌ في شركة الحياة السهلة بنسبة 40% تعمل في مجال تصنيع الأجهزة الكهربائيّة، وشركة نجم الاستثمار بنسبة 50%، وشركة أمان للإسمنت بنسبة 10%، ويملك شركة طيران فلاي أمان، ويرأس مجلس إدارة شركة أساس للحديد، وأعلن عن إطلاق معملين لصناعة الكابلات والحديد. ولدى الفوز الذي برز في 2015 شركة إعمار موتورز لاستيراد الآليات والسيارات وقطع التبديل المختلفة، وتوكيل سيارات هونداي، وتوكيلٌ حصريٌ لسيارات كيا. وهو مؤسسٌ في جريدة الوطن وتلفزيون سما ويملك تلفزيون لنا، وشركة الفوز التجارية المتخصصة بالصوامع والتخزين.

 

وخارجياً تمتد الأذرع الاستثمارية للفوز إلى الإمارات العربية المتحدة، إذ أسس فيها شركتي الفوز القابضة المتخصصة باستيراد وتصدير المواد الغذائيّة والإعلام، وشركة ASM المتخصصة في الاستثمارات بالقطاع الخدميّ. وفي لبنان وروسيا شركة أوف شور للاستيراد، وفي تركيا شركة الفوز التّجاريّة لتصنيع المياه المعدنيّة، وسلسلة فنادق خمس نجوم، وشركة أمان القابضة المتخصصة بالمجمعات السكنيّة الفخمة. ألا يثير هذا الكم الهائل من الشركات والحصص في أقلّ من خمس سنوات الشكوك؟

 

 

القطان وصفقات المولات الملياريّة

 

تُعدّ تجربة رجل الأعمال الدمشقي وسيم القطان، من أكثر التجارب غموضاً في عالم الأعمال. فالشاب الأربعيني القادم من شركة سيرتيل، استحوذ بسرعةٍ قياسيّةٍ على العديد من الاستثمارات التّجاريّة لا سيّما استثمار الأبنية الحكوميّة. وبرز اسمه لأول مرةٍ في تموز 2017 مع حصوله على صفقة استثمار مول قاسيون بقيمة 1.20 مليار ليرةٍ، وتتالت هذه الصفقات (فندق الجلاء، مول ماسة بلازا، مجمع يلبغا)، وهي كلّها تصنّف في باب الصفقات الملياريّة، ليحجز له مكانةً متقدمةً جداً في عالم الأعمال. ويشغل القطان رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة ريف دمشق منذُ شباط 2018، وخازن اتحاد غرف التجارة 2017، وهو مديرٌ عامٌ وشريكٌ مؤسسٌ في شركات: مروج الياسمين 2018، ومروج الشام للاستثمار والسياحة بنسبة 25%، وأسطورة الشرق، والمنزل المثالي للاستثمار بنسبة 40% من الأسهم، وافنيو للتجارة والمقاولات بنسبة 34% من الأسهم. ويمتلك الحاصل على الإجازة في الفنون الجميلة من جامعة دمشق شركة لاروسا للمفروشات، وأفران هوت بيكري، وهو مديرٌ لشركات: آدم للتجارة والاستثمار وحصته 60% من رأسمالها، ونقطة تقاطع بنسبة 50%.

 

تبديل قواعد اللعبة

 

لا يبدو المشهد الاقتصاديّ السّوريّ، لجهة قطاع الأعمال، أقلّ تعقيداً من المشهد السّياسيّ في البلاد التي انهكتها حرب السنوات الثمانية. تغيب أسماءٌ فاعلةٌ عن السّاحة الاقتصاديّة، تقدر ثرواتها بما يزيد عن مليار دولارٍ (صائب نحاس، راتب الشلاح، نزار أسعد.. الخ) وتظهر فجأةً أسماءٌ جديدةٌ، لم تكُ لها مساحةٌ وافيةٌ، وفرصةٌ ممكنةٌ للظهور خلال الفترة التي سبقت 2011، فهناك معادلةٌ جديدةٌ في العمل الاقتصاديّ السّوريّ. إذ سمح النّظام بظهور أسماءٍ معيّنةٍ في أوقاتٍ سابقةٍ، وتعامل بدقةٍ مع توازناتٍ مناطقيّةٍ، وملاءاتٍ ماليّةٍ لرجال الأعمال، وبدّل قواعد اللعبة عقب الثورة، وفرضت الحرب على الحكومة ورجال الأعمال أسساً جديدةً للعمل. فمن خرج من رجال الأعمال عن طاعة النّظام ولو جزئياً كعائلة غريواتي، حيث خسرت حضورها الطاغي لدى قطاع الأعمال، وبعض الوكالات التجاريّة التي كانت تحتكرها، والبعض حمل معمله وغادر باحثاً عن فرصٍ جديدةٍ، كعدنان النن صاحب شركة الدرة للصناعات الغذائيّة، أو أكبر محتكر للصناعات النّسيجيّة أبو كامل شرباتي، الذي يدير معامله من مصر. ومن أكثر المؤشرات قيمةً أن أضخم شركتين قابضتين (شام وسوريا)، تبدلت مواقف عدد من الأسماء التي سمح بالانضواء تحتهما (موفق القداح أنموذجاً)، ما يثير التساؤلات حول الطرائق التي اتّبعت أثناء تشكيل أكبر "كارتالين" في عصر التّحولات الاقتصاديّة السّوريّة المعاصرة؟ إذ لم يسمح لفراس طلاس ابن وزير الدفاع الأسبق مصطفى طلاس بالانضمام لأيٍّ من الشركتين القابضتين، لكن سمح له ببيع ممتلكاته التّجاريّة قبل مغادرته البلاد عقب الثورة السّوريّة.

 

أزمة أخلاقٍ

 

خيبات الحرب السّوريّة، وحجم الدمار الاقتصاديّ الهائل، يقابله على الضفة الثانية أثرياء الحرب، والشّخصيات التي وجدت في الحرب مصدراً سريعاً لمراكمة ثرواتهم، لكن أن يظهر رجال أعمالٍ جددٌ بثروات طائلة في فتراتٍ قصيرةٍ جداً، بما يتناقض مع علوم الاقتصاد والتجارة وتجميع الثروات، هو ما يدفع للتساؤل عن العوامل التي دفعت بهؤلاء إلى الواجهة، رغم أنهم غير محسوبين على طبقة رجال الأعمال؟ ويرى القحف أن ظرف الحرب يفرز أثرياءً جدداً، ويوجد طبقةً منهم ضمن مجتمع الأعمال، وهذا ليس بالمعنى السلبي، ويدلل على رأيه ببيت الشّعر: منْ راقبَ النّاسَ ماتَ هَمَّاً / وفازَ باللّذّةِ الجَسُورُ. ويؤكد أن بعض هؤلاء تمتعوا بالجرأة، خاصةً بعد هروب الآخرين، وتحملوا هامش المخاطرة، إذ أنّ الجرأة في عالم المال مهمّةٌ للغاية، لأنّها من الممكن أن تسهم بتحقيق أرباحٍ أكثر. ويبين القحف أنه يوجد شريحةٌ من رجال الأعمال كانوا جريئين وقرروا أن يستثمروا في وقتٍ كان البعض يهرب بسبب الحرب والعقوبات الاقتصاديّة التي تفرض وغيرها، وبسبب ذلك لم تكُ هناك منافسةٌ في السّوق، رغم وجود عقودٍ تمنحها الدولة كتوريداتٍ وصيانةٍ حصل عليها هؤلاء. دون أن ينفي وجود أخطاءٍ ارتكبتها الإدارات الحكوميّة السّابقة ولا سيّما لدى مصرف سوريّة المركزيّ، فهناك أناسٌ تدمروا وآخرون اغتنوا، وبالتأكيد ليس الكلّ على حساب دماء الشّعب.

 

 

يفسر القحف معضلة القطاع الخاص السّوريّ بأنّها تعود أساساً لفترة الستينات ومازالت مستمرةً حتى الآن، إذ أن دور هذا القطاع "صُمم ليكون طفيليّاً على مائدة الحكومة، ولا يوجد له دورٌ اجتماعيٌّ وتنمويٌّ"، إنما ينتظر المناقصات والعقود التي تعلن عنها الحكومة، وبهذا المعنى "الأثرياء القدامى لم يكوّنوا ثرواتهم لو لم يعملوا مع الحكومة من خلال العقود والمناقصات". ويتابع القحف: لم يكن للقطاع الخاص أيضاً "تقاليد وأخلاقيات الأسواق"، وحدثت الفوضى وأثرى البعض، لكن هناك من أراد الإثراء بشكلٍ سريعٍ، وهذا ما نسميه "وجود أزمة أخلاقٍ قديمةٍ" بالنسبة لقطاع الأعمال. ويستدرك القحف: هذا لا يعني إطلاقاً عدم احترام دور القطاع الخاص وتقديم التسهيلات له، ويتمّ ذلك من خلال وضع الدولة القوانين والتشريعات العادلة، لكن جزءٌ من الإدارة الحكوميّة ضبابيٌّ، وهذا ما يؤدي إلى أنّ الصالح يذهب مع الطالح.

 

توزيع الأدوار

 

القضية ليست مجرد أسماءٍ تتكرر كلّ فترةٍ، أو وجوهٍ جديدةٍ تظهر مع كلّ تحولٍ اقتصاديٍّ. ثمة ما هو أوضح من ذلك، ويتعلّق بالمواقف، وتوزيع الأدوار والحصص، ورسم مشهدٍ اقتصاديٍّ بدقةٍ وعنايةٍ، يسمح بظهور بعض الأسماء، التي تدرك تماماً دورها الوظيفيّ المحدد. إنّه الانقلاب ضمن طبقة رجال الأعمال، الذي تقوده عادةً السّلطة الحكوميّة، وعلى السّوريين أن يعتادوا على هذه الطبقة الجديدة.

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard