info@suwar-magazine.org

مبادرات أهلية لتأمين الخدمات في درعا ومحاولة النظام تبنّيها

مبادرات أهلية لتأمين الخدمات في درعا ومحاولة النظام تبنّيها
Whatsapp
Facebook Share

 

 

أصبحت المبادرات الأهلية في مدن وبلدات محافظة درعا ظاهرة واضحة خلال الأشهر الماضية على إثر تردّي الوضع المعيشي، وتدهور القطاعات الخدمية، وبروز مشكلات في تأمين أبسط الخدمات وسط غياب أيّ دور لحكومة النظام.

 

ولعلّ أبرز هذه المشكلات هي صعوبة تأمين مياه الشرب، حيث يبلغ ثمن صهريج المياه المنزلية قرابة الخمسين ألف ليرة سورية أي نصف الدخل الشهري لمعظم العاملين في الداخل السوري، وهو أمر دفع أهالي قرى ومدن محافظة درعا في جنوب سوريا لإطلاق مبادرات مجتمعية للتخفيف من هذه المشكلات الخدمية، وإعانة أكبر عدد ممكن من السكان لتأمين أبرز الخدمات، وفي مقدمتها المياه ضمن مبادرة أسموها "سقيا الماء".

 

انطلقت حملات التبرع وجمع الأموال من المغتربين، ومن أبناء محافظة درعا الميسورين من الأهالي، فكان أهالي بلدة ناحتة في ريف درعا الشرقي السبّاقين لإطلاق أول حملة تبرعات خلال شهر نوفمبر الفائت.

 

الحملة التي استمرت قرابة الأسبوع استطاع خلالها أهالي البلدة جمع مبلغ مليار ليرة سورية لتشغيل آبار المياه في البلدة على الطاقة الشمسية، وهو ما يؤمّن المياه بشكل مجاني لكافة أهالي البلدة بالإضافة إلى إنارة الطرقات الرئيسية. وفي بلدة بصر الحرير بالقرب من بلدة ناحتة انطلقت مبادرة مجتمعية تحت عنوان "فزعة المليار لسقيا الماء" استطاع أهالي البلدة جمع مبلغ مليار ومئتي مليون ليرة سورية خلال عشرة أيام فقط من انطلاق الحملة والبدء بتشغيل خمسة آبار على الطاقة الشمسية، وحفر بئر جديد للبلدة لتغطية حاجة الأهالي من مياه الشرب.

 

 

هذه الحملات انتقلت إلى عدد من القرى والمدن منها الكرك الشرقي وداعل والشيخ مسكين والغرية الشرقية والغرية الغربية، وانخل وعقربا، ونوى وحالياً بلدة أم ولد في الريف الشرقي، حيث تمّ جمع قرابة 25 مليار ليرة سورية في عموم المحافظة حتّى إعداد هذه المادة، وكلّ هذا تحت أنظار النظام وحكومته التي تقف عاجزة عن تأمين أبسط مقوّمات الحياة، بل على العكس تحاول مؤسّسات النظام التدخّل في هذه المبادرات وتبنيها لصالحها للتعتيم على عجزها الواضح في تأمين الماء والكهرباء وغيرها من الخدمات الأساسية، فكانت هذه الإشكالية إحدى المخاوف التي توّلدت لدى الأهالي، وسببت تردد بعض المتبرعين للمشاركة في المبادرات مع خوفهم من تبنّي النظام لهذه الحملات المجتمعية.

 

تحدّث لمجلّة صُوَر "المهندس خالد السكري" وهو أحد أعضاء اللجنة المشرفة على حملة التبرع في بلدة الكرك الشرقي عن مساعيهم لمنع النظام من تبنّي الحملة بقوله: "لن نسمح للنظام بتبنّي هذه الفزعات الأهلية، فنحن أبناء هذه الأرض وسنعمّرها بسواعدنا، لقد استطعنا خلال مدّة قياسية جمع مبلغ مليار ونصف ليرة سورية لتأمين الخدمات لأهل البلدة وفي مقدمتها مياه الشرب، حيث أخذت اللجنة على عاتقها مسؤولية تأمين الماء لكل منزل في البلدة، والانتهاء من مشكلة المياه على نحو دائم" وبالفعل باشرت اللجنة بالمشروع وبدأت بتركيب ألواح الطاقة الشمسية للآبار وصيانة شبكة المياه، ولا يزال العمل مستمراً حتى اليوم ويضيف خالد السكري "لن نتوقف حتى تحقيق الهدف المنشود وهو إيصال الماء لكلّ منزل في البلدة". 

 

 

وفي مدينة داعل تحدّث لمجلّة صُوَر الأستاذ "بلال الجاموس" حول المبادرة المجتمعية في مدينة داعل موضحاً حجم الإقبال من المتبرعين بقوله: "استطعنا جمع مبلغ مليار وأكثر من ست مائة مليون ليرة سورية بعد إطلاق المبادرة في المدينة لتأمين مياه الشرب للمنازل جميعها وسط مشاركة لافتة لمعظم التجّار من أبناء المدينة والمغتربين من أهلنا في دول الخليج وأوروبا ولن نتوقف عن جمع التبرعات حتى الانتهاء من كامل المشروع وإيصال المياه لكامل أهالي المدينة وإنارة الطرقات العامة".

 

في بلدة الغرية الشرقية كانت المبادرة أوسع وأكبر من غيرها من البلدات حيث استطاع أهالي البلدة جمع مبلغ 3 مليارات ونصف ليرة سورية، وإعادة تأهيل شبكة المياه، وتشغيلها على الطاقة البديلة، وإنارة الطرقات وصيانة المركز الصحي، ومقسم الاتصالات وسط حالة من التكاتف والتكافل المجتمعي المميزة على مستوى المحافظة.

 

مشكلة المياه ليست وحدها التي يعاني منها أهالي محافظة درعا، فبالكاد تشعر بوجود دولة أو أية مؤسسات مدنيّة في مناطق سيطرة النظام بشكل عام، نتيجة التدهور الاقتصادي الكبير، ونتيجة آثار الحرب الكبيرة على القرى والمدن، ومن هذه المشكلات أيضاً (النظافة، الكهرباء، الاتصالات، الرعاية الصحية. 

 

تمسّكت درعا قاطبة بمدنها وبلداتها بمبادئها الأصيلة، ونجحت بمنع النظام من تبنّي هذه الحالة الشعبية الفريدة من التكافل المجتمعي، واستطاعت أن تظهر صورة في غاية الجمال والروعة عن الشعب السوري الحي الذي لا يستسلم للظروف مهما علا شأنها، من خلال تنفيذها لمشاريع خدميّة كبيرة تحتاج إلى مؤسسات دولية، وحكومات رشيدة لتنفيذها، فكانت خير دليل على عجز النظام عن النهوض من القاع مجدداً، وكانت خير دليل على أصالة وعنفوان أهل سوريا، وكأن لسان حالهم يتوجه للعالم، ويقول "انظروا إلينا بعد سنوات الحرب الطويلة، ها نحن قادرون على نفض الغبار والوقوف مجدداً وبناء وطننا من جديد، لا نريد منكم سوى أن تنصفونا، وتقفوا في جانب ثورتنا اليتيمة، وتحاسبوا المجرمين الذين تآمروا على الشعب السوري من كل حدب وصوب".

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard