info@suwar-magazine.org

السيناريوهات المحتملة لتراجع النفوذ الإيراني على القضية الكردية في سوريا والعراق

السيناريوهات المحتملة لتراجع النفوذ الإيراني على القضية الكردية في سوريا والعراق
Whatsapp
Facebook Share

 

تصاعد التوترات في الشرق الأوسط يلقي بظلاله على التنبؤات بمستقبل المنطقة، وقد كثر الحديث عن تغيّر وجه الشرق الأوسط، خاصة بعد اغتيال إسرائيل لحسن نصر الله، مما فتح باب التساؤلات حول احتمال وجود مساومة إيرانية مع الغرب نتيجة لضعف الرد الإيراني وإحجامها عن حماية أذرعها في المنطقة مثل حماس وحزب الله. وقد زادت حدة هذه التكهنات مع التصريحات الإيرانية التي أظهرت تبايناً بين تصريحات الدولة والمرجعيات الدينية والأمنية. وسواء كانت هذه التصريحات دبلوماسية أو مؤشراً على خلافات داخلية، فهي تدل على حالة من التخبط في إيران.

 

وإذا ما صحت هذه التحليلات، فنحن أمام سيناريو تَقنين إيران لدعمها لأذرعها في كل من لبنان وسوريا والعراق واليمن وفلسطين، أو حتى التخلي عنها. وسيترتب على هذا السيناريو عدة تغييرات كبيرة تتعلق بالقضية الكردية في سوريا والعراق. وفي هذه الورقة، سنقوم بدراسة التغيرات المحتملة لهذا السيناريو على الأكراد في كل من إقليم كردستان العراق وروجآفا

 

 

تأثيرات تراجع النفوذ الإيراني على روجآفا

 

قد تجد تركيا في تراجع نفوذ إيران فرصة لتعزيز نفوذها في سوريا وملء الفراغ الذي ستتركه، خاصة في شمال وشرق سوريا. ومن شأن هذا أن يدفع أنقرة إلى توسيع عملياتها العسكرية ضد قوات سوريا الديمقراطية. السيناريو المحتمل هو أن يؤدي تراجع النفوذ الإيراني في سوريا إلى زيادة مناطق النفوذ التركي، مما يمنحها موقفًا تفاوضيًا أقوى مع الحكومة السورية وحليفتها روسيا، وحتى مع التحالف الدولي.

 

 

الاعتماد المتزايد للحكومة السورية على الدعم الإيراني، قد يؤدي إلى زعزعة تماسكها في حال ضعف أو تراجع النفوذ الإيراني، مما يزيد من تعرض دمشق لضغوط محتملة من كل من روسيا وتركيا، خاصة إذا ما توصل الطرفان إلى اتفاقيات تتعلق بملء الفراغ الأمني الذي ستتركه إيران. والسيناريو المحتمل هو أن يدفع ذلك النظام السوري إلى إعادة التفكير في علاقته مع قوات سوريا الديمقراطية، وربما الاستجابة لمطلب أنقرة المتكرر بضرورة إنهاء وجود قوات سوريا الديمقراطية. ومن المعروف أن لإيران دوراً كبيراً في دفع دمشق إلى التعاون مع حزب العمال الكردستاني في بداية الحراك في سوريا، وكذلك في دعم موقف دمشق الرافض للتدخل التركي وتوسيع نفوذها على الأرض السورية.

 

اقرأ أيضاً:

 

                            التقارب التركي السوري آفاقه ومآلاته

 

 

على الرغم من عدم وضوح استراتيجية الولايات المتحدة في سوريا، فإن تراجع النفوذ الإيراني يشكل فرصة للولايات المتحدة وحلفائها لتعزيز نفوذهم، خاصة في مناطق دير الزور التي تسيطر عليها الميليشيات الموالية لإيران، وإمكانية قطع الترابط بين الميليشيات الإيرانية في كل من سوريا والعراق. وبالتالي، فالسيناريو المحتمل هو زيادة دعمها لقوات سوريا الديمقراطية، مما سيؤدي إلى تعزيز موقف قوات سوريا الديمقراطية ضد تركيا والحكومة السورية.

 

 

لن تقف روسيا مكتوفة الأيدي، بل ستسعى إلى ملء الفراغ الإيراني بدلاً من الأطراف الأخرى، مما يجعلها في موقف أقوى في الملف السوري. وسيساعدها ذلك على لعب دور كبير في المفاوضات بين الأكراد والحكومة السورية من جانب، وبين الحكومة السورية وتركيا من جانب آخر، من أجل إعادة ترتيب الملفات الأمنية والحفاظ على الاستقرار الحالي. ويبدو أن هذا السيناريو هو الأقرب للتحقيق.

 

 

على الصعيد العربي، قد تجد دول مثل السعودية والإمارات ومصر فرصة لتعزيز دورها في سوريا لمواجهة تمدد النفوذ التركي، مما قد يدفعها إلى تعزيز علاقاتها مع الأكراد لمواجهة هذا النفوذ. ومع ذلك، يُعتبر هذا السيناريو الأضعف، نظرًا لأن توجه الدول العربية في الآونة الأخيرة يميل إلى التطبيع مع الأسد على حساب الأطراف الأخرى، وبالتالي فالسيناريو المحتمل هو تسارع وتيرة التطبيع بين الدول العربية ودمشق.

 

 

 

تأثيرات تراجع النفوذ الإيراني على كردستان العراق:

 

لطالما كان لإيران نفوذ كبير على بغداد، بما في ذلك العلاقة بين بغداد وأربيل، وتراجع هذا النفوذ سيمنح أربيل القدرة على استعادة نفوذها في بغداد وبناء علاقة متوازنة معها. السيناريو المحتمل هو أن تسعى أربيل إلى تعزيز وضعها الاستراتيجي السياسي والاقتصادي في العراق. وعلى الصعيد الداخلي، قد يسهم ذلك في تحسين العلاقة بين أربيل والسليمانية، نظرًا لارتباط الأخيرة بعلاقات قوية مع طهران.

 

 

ومن ناحية أخرى، سيسهم ذلك في إضعاف قوة الفصائل الموالية لإيران، التي تشكل تهديدًا أمنيًا مستمرًا لكردستان العراق، خاصة مع استهدافها المتكرر للقوات الأمريكية المتواجدة في الإقليم، والهجمات على المناطق الحدودية وحقول النفط. فالسيناريو المحتمل أمنيًا هو تعزيز الأمن في المناطق الحدودية مع إيران ووقف الاستهداف المتكرر للقوات الأمريكية، مما يعزز الاستقرار في كردستان العراق.

 

 

اقتصاديًا، لطالما رأت إيران في نفط كردستان تهديدًا لمصالحها الاقتصادية، وقد استخدمت نفوذها على بغداد عدة مرات لعرقلة تصدير النفط والتدخل في الصفقات النفطية بين كردستان ودول أخرى. وقد أدى ذلك إلى مواجهات وصعوبات كبيرة للإقليم في تسويق نفطه أو التوصل إلى اتفاق مع بغداد يحقق مصالحه الاقتصادية. والسيناريو المحتمل هو أن تمتلك حكومة الإقليم مساحة أكبر لتسويق نفطها وعقد شراكات دولية تراعي مصالحها، بالإضافة إلى سهولة أكبر في التوصل إلى اتفاق مع بغداد أو تعديل الاتفاقيات القائمة.

 

 

في الختام، يمكن القول إن التغيرات المحتملة نتيجة تراجع النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط قد تحمل انعكاسات كبيرة على الملف الكردي في كل من سوريا والعراق، سواء من خلال توسع النفوذ التركي، أو إعادة ترتيب القوى الداخلية السورية، أو تعزيز الدور الأمريكي، وغيرها. وفي جميع الأحوال، فإن الأكراد سيجدون أنفسهم أمام تحديات وفرص جديدة. في حين أن بعض السيناريوهات قد تكون أكثر قابلية للتحقيق من غيرها، مثل الدور الروسي المتزايد في سوريا أو تعزيز التحالفات الدولية مع الأكراد في العراق، فإن المرحلة المقبلة ستظل مفتوحة على احتمالات عديدة تعتمد على تطور المشهد الإقليمي والسياسات الدولية المتغيرة. كما أن حل الخلافات الكردية الداخلية يجنب الأكراد التصادم مع الأطراف الإقليمية والدولية، ويمكنهم من لعب دور أكبر، مما يساعد على تجنب السيناريوهات الأسوأ للقضية الكردية.

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard