info@suwar-magazine.org

ماذا تخفي أزمة كورونا للعالم؟.. أسئلة كبرى يُعاد طرحها

ماذا تخفي أزمة كورونا للعالم؟.. أسئلة كبرى يُعاد طرحها
Whatsapp
Facebook Share

 

 

لا يوجد لدينا أقنعة واقية لإنقاذ حياة ٧ مليارات من البشر يعيشون على هذا الكوكب، ولكن هل لدينا أسلحة تكفي لقتل أكثر من هذا العدد؟

 

للوهلة الأولى قد يبدو هذا السؤال سطحياً، ومن دون مغزى، ولكن الحقيقة الماثلة أمامنا الآن تقول أن جائحة كورونا زعزعت الكثير من المسلَّمات، وغيرت الكثير من القناعات التي تؤمن بها الشعوب والمجتمعات الإنسانية، وتعتقد بصحتها بحيث لا يمكن الاقتراب منها، أو إعادة التفكير فيها.

 

تساؤلات كبرى تطرح نفسها في ظل التباعد الاجتماعي، ولأول مرة تقف البشرية جمعاء ونحن معها، أمام أسئلة مشتركة عن المستقبل، وعن الحلول الناجعة التي تجعل حياة البشر أفضل بناء على احتياجاتهم الحقيقية، وكيف لنا أن نضمن عدم العودة إلى حالة البقاء القسري في بيوتنا، ونحن نشعر بالرعب من القادم؟ وما الذي أوصلنا لهذه الحالة؟ أين يكمن الخطأ؟

 

بدأ البعض يعيد التفكير في قيم التضامن، والتكاتف الاجتماعي وفعاليته كما تفعل إيطاليا اليوم، والبعض الآخر يتساءل حول ماهية الأولويات للمجتمعات. في حين نجد فريقاً ثالثاً يتساءل عن كيفية استثمار الأزمة لتحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية، وحتى فئوية وشخصية.

 

يظهر العالم اليوم أمام هذه الأزمة عالماً صغيراً وضعيفاً وهشاً، لذلك كان التباعد أو العزل الاجتماعي هو العلاج الأكثر نجاحاً في احتواء الفيروس حتى الآن. رغم ما يمكن أن يفرضه العزل علينا كأفراد من سلبيات، وآثاراً نفسية قاسية على البعض، كأن يدفعهم الخوف من التغيير، وعدم القدرة على الاحتمال، ونفاد الصبر الى ارتكاب حماقات تفاقم الأزمة قبل احتواء الفيروس.

 

ورغم أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه، لكنه يمتلك قدرات كبيرة على التأقلم السريع، وانطلاقاً من ذلك يبدو لي بعض الفوائد فقد تشكل هذه الأزمة فرصة للبعض منا لممارسة بعض الهوايات  كممارسة الرياضة، أو الاعتناء بنظامنا الغذائي، أو العودة للقراءة، ناهيك عن زيادة التواصل مع الأهل والأصدقاء.

 

اقرأ أيضاً:

 

الأمم المتحدة ترحب بالهدنة الإنسانية التي أعلنتها قسد في شمال شرقي البلاد

 

 

أما على صعيد الحكومات، فقد اتخذت غالبية الحكومات إجراءات صارمة في محاول لاحتواء الفيروس، وفرضت الإغلاق على الشركات، وهي من الحالات القليلة الحدوث، وخاصة في الدول الرأسمالية إلا أنها  لا تبدو كافية حتى الآن، فالأزمة كشفت لنا عيوب كثيرة بدءاً من سلَّم أولويات الحكومات، وقضايا الشفافية والالتزام بالمسؤولية الاجتماعية، والنظام الصحي وقضايا البيئة، وقوانين الطوارئ وفاعليتها.

 

فهذا الفيروس جعل العالم في حرب عالمية مفتوحة أمام عدو لا يمكن رؤيته بالعين المجردة استنفرت الحكومات كامل إمكانياتها للتصدي له، والذي يتوقع أن يكون له آثار كبيرة على إعادة إنتاج، وهيكلة الأنظمة بما يتوافق مع ما تم الكشف عنه من ضعف، وخلل في هذه الأنظمة، وبالتالي  إعادة ترتيب الأولويات، بحيث يحتل النظام الصحي، والبيئي الصدارة   في المستقبل، كما ستتم إعادة هيكلة الأنظمة الدفاعية، وقوانين الطوارئ التي كانت مُعدَّة لمواجهة أعداء مختلفين، بمعنى آخر إعادة تعريف مفهوم الأمن القومي لكل دولة، وسوف يتم صرف  الملايين على البحث العلمي.

 

ستمتد آثار هذه الحرب المفتوحة إلى إعادة هيكلة النظام العالمي الاقتصادي، والذي بدوره سوف يعيد هيكلة النظام السياسي، وقد نشهد تغييرات كبيرة على آلية صناعة القرار في الهيئات والاتحادات الكبرى "مجلس الأمن، الاتحاد الأوربي"، وسوف يعاد إنتاج تعريف التضامن في هذه التحالفات.

 

على صعيد الأنظمة المستبدة والفاشلة، فإن الوضع سيكون أسوأ بكثير، ولن تكون هناك المساحة الكافية لطرح الأسئلة التي يجب أن يتم طرحها من أجل إحداث التغيير، وخاصة في ظل استمرار حالة العنف بين الأطراف بدون أدنى اعتبار لأزمة "كورونا".

 

ورغم بشاعة الموقف إلا أن بإمكان الشعب - الذي يشكل المصدر الأساسي للسلطة، والاقتصاد – أن يجد في هذه الأزمة فرصة كبيرة لإحداث تغييرات حقيقية وجذرية إذا ما تم استغلالها بشكل صحيح من قبل أنصار التغيير الإيجابي، فالتاريخ البشري يخبرنا (التغييرات الكبرى تسبقها أزمات كبرى).

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard