info@suwar-magazine.org

الحصار والتجويع أداة النظام للسيطرة على درعا

الحصار والتجويع أداة النظام للسيطرة على درعا
Whatsapp
Facebook Share

 

 

ثلاثة أعوام مرت على سيطرة قوّات النظام السوري على محافظة درعا في جنوب سوريا، سوّق النظام إعلاميّاً بأنّه أعاد الأمن والأمان للمحافظة، التي بقيت قرابة ستّة أعوام خارجة عن سيطرته ليعود بعد معارك عنيفة مع فصائل المعارضة المسلحة، وبعد تطبيق سياسة الأرض المحروقة من قبل طائرات الاحتلال الروسي.

 

عودة ظنّ بها النظام أنه استعاد هيبته المفقودة في باقي سوريا، ولتدخل محافظة درعا مرحلة جديدة من مراحل الثورة التي امتازت بها هذه المحافظة منذ اندلاع الثورة السوريّة في آذار 2011 مرحلة لم يكن النظام السوري يتوقّع أن يواجهها في المناطق التي يسيطر عليها في كامل البقعة السوريّة، حيث استمرت محافظة درعا بحراكها السلمي من تنظيم المظاهرات والاعتصامات في أبرز ساحاتها التي اعتادت عليها منذ انطلاق الثورة، ولا سيما ساحة المسجد العمري في درعا البلد مهد الثورة السوريّة.

 

 ولم تتوقّف المحافظة عن إظهار ثوريتها للسوريّين وللعالم أجمع حتى جاءت الانتخابات الرئاسيّة الهزليّة التي أقامها النظام في عموم المحافظات التي يسيطر عليها ليحصل على التأييد لرأس النظام "بشار الأسد"، وليتفاجأ بموقف محافظة درعا الرافض لتلك الانتخابات فقاطعت درعا المسرحيّة الانتخابيّة بنسبة 90% وخرجت بمظاهرات مندّدة بتلك الانتخابات، الأمر الذي أثار غضب النظام ليرسل حشوداً وتعزيزات عسكريّة ضخمة لمحاصرة مدينة درعا البلد يوم 27 يونيو الفائت، وحتّى لحظة إعداد هذا التقرير لا تزال محاصرة.

 

 

أغلقت جميع الطرقات المؤدية إلى درعا البلد، وبدأت قوات النظام ومليشياتها تقصف المدينة صباحاً ومساءاً على مدار سبعة وسبعين يوماً، فقتل 40 شخصاً جراء هذه الهجمة على المدنيّين العزل، حيث لا مكان للفصائل المسلحة، ولا للتشكيلات المؤدلجة. وهذا معروف للجميع، فجميع التشكيلات العسكريّة قد سقطت مع سقوط المحافظة عام 2018، ولكن إيمان أهالي هذه المدينة بأحقيّة قضيتهم أخرج منهم صمود مجبولاً بصخر بازلت حوران فلم تستطع قوّات النظام. ولا مليشياتهم من الدخول لدرعا البلد على الرغم من محاولات الاقتحام المتكررة، أدرك النظام بأنّه فشل عسكريّاً ولن يستطيع كسر عزيمة أهالي درعا البلد الذين لا يملكون سوى سلاحهم الخفيف.

 

 وظهر جليّاً في المشهد العام في درعا بأنّ الجيش السوري غير قادر على السيطرة على متر واحد من أراضي سوريا من دون الدعم الروسي بالطائرات الحربيّة، روسيا التي بقيت في موقف المتفرج قرابة الشهرين، فلم تتدخّل بطائراتها الحربيّة ولا مدافعها الذكية فيما يبدو بأنّه ضمانات كانت قد قطعتها روسيا على نفسها وأمام الدول الإقليميّة عند توقيع اتفاق عام 2018 بين فصائل المعارضة المسلحة، وبين قوّات النظام السوري فتدخل روسيا بشكل فعّال بعد مضي 60 يوماً على حصار درعا حيث التقى الضابط الروسي "أندريه" باللجنة المركزية الممثّلة لأهالي درعا وعرض عليهم خارطة طريق لحلّ الأزمة في درعا كانت تتضمن شروط مجحفة بحق الأهالي من تسليم لكامل السلاح، ووضع 9 نقاط عسكريّة لقوّات النظام وتهجير الرافضين للتسوية وغيرها . .

 

رفضت اللجنة المركزيّة في درعا خارطة الطريق وأصرّت على إيجاد حل يضمن كرامة أهالي درعا فيما لم يصدر عن الجانب الروسي أيّ موقف .

 

تحدّث إلينا خالد أبازيد، وهو أحد الناشطين في درعا البلد "إنّ التصعيد الحاصل في درعا يتحمّل مسؤوليته الجانب الروسي، فموقفهم غير ثابت ويغضون الطرف عن التجاوزات التي تقوم بها قوّات النظام ومليشياتها، فيما يقوم بالتلويح بالقوّة العسكريّة في وجه اللجنة المركزيّة الممثّلة لأهالي درعا، وتارة يتبنّى موقف الضامن بين الطرفين ليحافظ على التهدئة في عموم المحافظة".

 

 

ويضيف الأبازيد "ثلاثون ألف نسمة وبعد قرابة الثمانين يوماً من الحصار المفروض على المدينة يعاني المدنيّون من شحّ كبير في المواد الغذائيّة والصحيّة، وانقطاع كامل للكهرباء والماء، وهذا الأمر ينطبق على من نزح من أبناء المدينة إلى المناطق المجاورة والى السهول المحيطة بدرعا البلد، والبالغ تعدادهم عشرون ألف نسمة، وسط غياب تام للمنظمات الإنسانيّة والدوليّة".

 

وعن الموقف الشعبي تحدّث لنا أبوعلي محاميد وهو أحد أبرز الوجهاء في درعا البلد "نحن نرفض سياسة النظام، والمليشيات المساندة لها ونرفض التغيير الديموغرافي، فهذه أرضنا وأرض أجدادنا سنحافظ عليها، ولن نتخلى عنها وعلى الجانب الروسي الوفاء بالتزاماته كضامن لتطبيق بنود اتفاق عام 2018، والذي يضمن عدم دخول قوّات النظام ومليشياتها إلى داخل القرى والمدن وانسحاب الحواجز العسكريّة إلى الثكنات ."

 

مع استمرار الحصار وتعنّت قوّات النظام بالحل العسكري واستمرار القصف على المدينة سائت الحالة الإنسانيّة، حيث إنّ الأحياء المحاصرة في درعا تعاني من تدهور كبير في الوضع الصحي حيث أغلقت النقطة الطبيّة الوحيدة بسبب القصف المستمر، وبسبب قربها من خط المواجهة ما أدّى إلى كارثه صحيّة بسبب الخطر الكبير على أصحاب الأمراض المزمنة الذين يعانون من نقص الأدوية والمستلزمات الطبيّة.

 

تدخّل وجهاء حوران لإيقاف هذا الحصار الخانق، وقاموا بالدخول بمفاوضات مباشرة مع قوّات النظام والجانب الروسي، وبعد أخذ ورد على مدار أسبوع تمّ التوافق على:

 

-  وقف فوري لإطلاق النار وفكّ الحصار عن المدينة.

-  إجراء تسويات للمدنيّين.

- تسليم الأسلحة المتوسّطة والخفيفة المتواجدة مع المقاتلين من أهالي درعا البلد، ومن المليشيات التابعة لقوّات النظام (مليشيات الكسم التابع للأمن العسكري).

- تفتيش أحياء درعا البلد بوجود الوجهاء والشرطة العسكرية الروسيّة.

- تثبيت 4 نقاط أمنيّة لقوّات النظام داخل درعا البلد .

- دخول المساعدات الإنسانيّة إلى درعا البلد.

 

بدأ تطبيق بنود الاتفاق ودخلت قوّات النظام والشرطة العسكريّة الروسيّة برفقة الوجهاء، وقاموا بتفتيش أحياء درعا البلد وحي طريق السد، ومخيّم درعا وبدأت لجان المصالحة بالقيام بتسويات للمدنيّين من أهالي مدينة درعا، وبانتظار تنفيذ باقي بنود الاتفاق وفكّ الحصار عن المدينة.

 

بقيت درعا البلد صامدة، ولم يستطع النظام ومن خلفه حليفه الروسي إركاع أهالي درعا، وإخماد روح الثورة التي تسري في عروق أهلها لا بالتصعيد العسكري ولا بشروطه الخلبيّة التي ظهر بشكل واضح بأنّ جلّ اهتمام النظام من خلال اتفاقه المعقود هو نصر إعلامي دون تحقيق مكاسب حقيقيّة على الأرض ودون انتزاع نبض الثورة من قلوب أهل درعا.

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard