info@suwar-magazine.org

حين تكون الكتابة مسيرة حُبلى بالخيبات

حين تكون الكتابة مسيرة حُبلى بالخيبات
Whatsapp
Facebook Share

 

حين تغدو الكتابة ملاذ الحالمين في خلق عوالم خاصّة للهروب من مرارات العيش في عالم الواقع أو رحلة لاكتشاف الذات، تكون حياة أصحابها أشبه بكتابة سطر منسي.

 

تلك الحياة التي يعيشها الأدباء، يظنّها البعض أنها حياة خرافيّة من وحي الخيال، وقد تبدو للآخرين غامضة ومبهمة، ولا تتشكّل لديهم صورة كاملة عن تلك التفاصيل المفعمة بالألم، لكنّها في الواقع تختلف كليّاً عن تصوراتنا ومشاهداتنا إذا ما نظرنا إليها من زوايا أخرى، زوايا حبلى بالخيبات، حيث صراع الأفكار والكلمات والتراكيب والخيال في ملاحم تنتهي في نهاية المطاف بحصار طروادة، الخيال الذي يأتي له بخاطرة، أو نثر، أو شعر، فأدوات الكتابة والأفكار رحلات من السفر عبر دروب هائمة.

 

في أوج معركة الحروف لا يكون هناك قتلى، بل سديم من جمال وسحر الكلام، الكلام الذي له عبير كالورد يشمّه القارئ من خلال الحروف بين الصفحات..

 

وقد يعتقد البعض أنّ الملل هو الدافع للكتابة وهذا شيء خاطئ، فالكثير من الناس يقتلون مللهم بأشياء عابرة لا قيمة لها، وقد يكون الهاجس هو التذمّر من الملل لكن في الحقيقة هي حياة أو موت بالنسبة لمن اختاروا الكتابة سلاحاً.

أمّا الكاتب فهو يزرع على صدى الملل حدائق شاهقة بكلماته وإحساسه، يرتّب الوقت لينسج من جمال الحروف لوحات من حروف جديدة وكلمات لا تشبه أيّة كلمات، تلك التي تبثّ جمالها للعين والقلب معاً، يجعل من عاصفة الإلهام التي تأتيه متسلّلة إلى أفكاره، يبني منها أبيات من الشعر الراقي ليتناسب مع أذواق السامع والقارئ، الملل بالنسبة للكاتب هو عامل مهم من عوامل الدافع للإبداع والتصوّر الذي يأخذه لعالمه الخاص، عالم كالسماء مليء بنجوم الكلمة والإحساس الذي فيه، يروّض ضجيجه الداخلي بكلمات تخرج من أعماقه ليزرعها في درب كلّ المارين بطريقه لعلّها تزهر يوماً فائدة لديهم أو أن تنير لهم الطريق في عتمة اللا معروف.

 

الليل رغم سكونه الدائم، إلّا أنّه يحمل في هدوئه العميق صخب وضجيج لا يتوقّف لدى كلّ المحبين، وكلّ المثقّفين ففيه تفتح نوافذ الجمال لديهم ليدخل سحر الكلمة إلى وجدانهم.

 

فالكتابة ليست بالأمر السهل كما يعتقد البعض، هي أولاً موهبة عمرها عصور من الحزن استوطنت في ذاكرته فيتعارك معها، وهي بالمقام الثاني تتطوّر عبر القراءة والتثقيف الدائم ليتكوّن إحساس التناسق والإبداع داخل عقليّة وفكر الكاتب والذي غذاؤه الروحي المطالعات والمشاهدات داخل نفسه وخارجها، ليبقى على تواصل لما يحدث في عالم الكتابة.

 

نهرب من صخب الحياة وهمومها، إلى سكون وهدوء الكلمات التي تأخذنا لبحر ليس به أمواج، بحر من كلمات وصور ومرايا وأمل وحزن وضحكات ودموع لا مطاف لها.

 

لا تقتل الوقت، وليكن الوقت غالياً مثل الحياة والعمر، فالوقت بالنسبة للأدباء كنز ثمين، وهذا الكنز يتشارك معه جميع من يريد ذلك.

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard