info@suwar-magazine.org

سوريا.. تحديات المرحلة الانتقالية والموقف الكردي

سوريا.. تحديات المرحلة الانتقالية والموقف الكردي
Whatsapp
Facebook Share

 

العيون باتت تترقب العاصمة السورية دمشق بعد سقوط النظام السوري وسيطرة هيئة تحرير الشام والفصائل المسلحة المتحالفة عليها، واستقدام حكومة الإنقاذ التي كانت تدير محافظة إدلب لإدارة البلاد.
النظر إلى المشهد السوري الشديد التعقيد والتشابك، نتيجة تعدد أطراف الصراع وتداخل المصالح، يجعل من الصعب بمكان رسم خارطة طريق جديدة خلال المرحلة الانتقالية أو التنبؤ بها، لا سيما فيما يخص المصالحات الوطنية والانفتاح على كافة المكونات السورية وتحقيق العدالة للسوريات والسوريين.

 

فوضى المرحلة الانتقالية - التحديات
فوضى عارمة خلفها السقوط المفاجئ للنظام السوري، وحالة من عدم اليقين بشأن ما ستؤول إليه الأمور في المستقبل، وكيفية الحفاظ على وحدة البلاد وتماسك مكوناتها، بسبب حالة الغموض التي تحيط بالوضع السوري، وما ستفرزه التدخلات الخارجية، وغياب المؤسسات الوطنية، والشكوك حول تطبيق عادل لسيناريو المرحلة الانتقالية، التي من المفترض أن تضم كافة المكونات السورية دون استثناء وتقر بحقوقهم المشروعة، بما من شأنه أن يساعد سوريا على استعادة حضورها ودورها عربياً ودولياً على كافة الأصعدة.

 

إلى جانب المخاوف التي تنتاب المجتمع الدولي من التعامل مع الفصائل المسلحة المصنفة ضمن اللوائح الإرهابية، وفي مقدمتها هيئة تحرير الشام، تُعتبر هذه المخاوف من التحديات التي يواجهها السوريون حالياً، رغم الإقرار بضرورة بناء دولة سورية جديدة تضمن حقوق جميع السوريين.


يبدو أن التعامل مع ما خلّفه النظام السوري من قضايا وملفات شائكة تُثقل كاهل الحكم الجديد في سوريا سيشكل تحدياً كبيراً يهدد المرحلة الانتقالية على أقل تقدير، كون العديد من الأطراف، بمن فيهم المسيطرون حالياً على دمشق، قد تلطخت أيديهم بدماء السوريين خلال حقبة الصراع والحرب في سوريا.

 

إضافةً إلى ذلك، فإن انعدام التوافق بين مكونات الشعب السوري نتيجة الخيارات المتعددة، وما يصدر عن السلطة الحالية المقيمة في دمشق، قد يشكل خطوة إلى الخلف أو تراجعاً عن القرار الدولي 2254 والمسار السياسي المطروح سابقاً من قبل الأمم المتحدة خلال المرحلة الانتقالية، الأمر الذي يزيد من صعوبة استشراف المشهد السوري في المستقبل.

 

اقرأ أيضاً:

 

    الكرد والمشهد السياسي الجديد في سوريا.. قراءة في تعقيدات الموقف

 

 

هل من مؤشرات للوجود الكردي في المرحلة الانتقالية؟
موقف الكرد حيال ما يحدث حالياً تجاههم في سوريا يستنزف ما تبقى من أمل في بناء سوريا لا مركزية، تعددية، وديمقراطية يكونون شركاء حقيقيين فيها؛ دولة تُثبَّت فيها حقوقهم السياسية والثقافية والاقتصادية في دستور البلاد، لإنهاء حالة الإقصاء والغبن التي عانى منها الكرد منذ تأسيس الدولة السورية وفي ظل الأنظمة السابقة التي حكمت البلاد.


تشير أغلب المؤشرات، بعد سقوط الأسد وتسلُّم المتشددين والإسلامويين إدارة البلاد، إلى إقصاء الكرد. ومخاوف هذا الإقصاء والاستثناء باتت تزداد بدلاً من أن تتبدّد، مما يزيد شعورهم بالسوء، بناءً على المعطيات الحقيقية على الأرض، خاصة بعد الهجمات التركية المتتالية على المناطق الكردية واحتلالها وتهجير سكانها.

 

ليس من أولويات الكرد من سيدير البلاد خلال المرحلة الانتقالية، بقدر ما يؤكدون على تشكيل نظام لا مركزي تعددي يضمن للجميع ممارسة حقوقهم السياسية والمدنية. إلا أن التدخلات التركية في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية وتهجير سكانها خلال معارك إسقاط النظام وما أعقبها من هجوم تركي والفصائل الموالية لها على منبج والسيطرة عليها، يضع الكرد في موقف عدم ارتياح تجاه الإدارة الجديدة، خاصة بسبب عدم تنديد الأخيرة بالهجوم التركي واحتلال المزيد من الأراضي السورية، أو ربما بسبب نظرتها بعين الرضا إلى ما يحدث. وبالتالي، يؤدي ذلك إلى فقدان الثقة بهذه الإدارة والنفور منها.

 

ناهيك عن أن الإسلامويين بشكل عام، والإسلام السياسي بشكل خاص في سوريا، يتعاملون مع الكرد على أسس أيديولوجية، وهذا ما سيزيد الوضع تعقيداً وتهديداً لوجود الكرد، بالإضافة إلى الصمت الدولي وموقفه المتذبذب والغامض تجاه ما يحدث.

 

الأفعال تنافي الأقوال
ورغم ما أدلى به زعيم هيئة تحرير الشام، أبو محمد الجولاني، من تطمينات لكافة المكونات، بما فيهم الكرد، عبر خطاباته التي اعتبرها البعض ضمانات للسوريين لنقل سوريا نحو مرحلة جديدة، إلا أن إعلانه عن تشكيل الحكومة الجديدة بعيداً عن استشارة السوريين أو إعطائهم المجال لإبداء رأيهم حول التشكيلة الجديدة للحكومة المعلن عنها، يُعد مؤشراً على التناقض الصارخ بين قوله وفعله، مما أفقده ثقة الكرد خصوصاً والسوريين عموماً.

 

من الأولى بالإدارة الجديدة اتخاذ خطوات جديرة بالثقة وتحمُّل المسؤولية، تضمن حقوق الجميع على كامل الجغرافيا السورية، وإشراكهم في الحكومة الجديدة بما يعكس احترام التعددية والمواطنة، بمنأى عن الانتماءات السياسية والدينية والقومية، للوصول إلى حالة الاستقرار التي كان ولا يزال يحلم بها كل سوري.

 

الأمل الكردي في مستقبل أفضل
يأمل الكرد في نهاية المطاف رسم مستقبل أفضل عبر خلق قنوات حوار وطنية جادة مع القوى الوطنية والمجتمعية في سوريا، والتفاوض والاتفاق على استراتيجيات وسياسات، ومحاولة ترسيخها ضمن المشهد السوري العام، ما يضمن بقاء الجميع ويؤمن لهم حياة حرة كريمة، وإشراكهم في السلطة والقرارات وصياغة الدستور الجديد وممارسة النظام السياسي من خلال المؤسسات التي ستُنتَخَب لاحقاً، وبالتالي خلق معادلة سورية شاملة يكون الكرد أحد أطرافها.


النظام السوري أخرج الكرد خارج الحسابات والممارسات السورية فكرياً وسياسياً ومصيرياً، وهذا ما يعكس مدى خطورة الانتهاكات المرتكبة بحق الكرد في سوريا خلال حكم النظام على مدار عقود من الزمن، وحرمانهم من حقوقهم المشروعة.

أخيراً، وتأسيساً لحالة سورية جديدة، يتوجب تضافر الجهود من قبل جميع السوريين لبناء مسار سياسي شامل يستند إلى التوافقات الداخلية السورية، تجنباً للانقسام والفوضى والانجرار نحو النزاع من جديد.

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard