info@suwar-magazine.org

الأطفال اللاجئون بين المياتم وأسواق العمل

الأطفال اللاجئون بين المياتم وأسواق العمل
Whatsapp
Facebook Share

 

معاناة التّعليم وجيل الحرب

 

(1)

 

تقرير: ماريا عباس

 

عماد حمد طالبٌ في الصف السابع. أُجبر على النزوح، مع أهله، من ريف تلّ حميس، بعد معارك طاحنةٍ دارت هناك بين وحدات حماية الشعب وعناصر تنظيم "داعش"، دفعت مجموعاتٍ من السكان إلى النزوح إلى مدينة قامشلو طلباً للأمن.

قرّر عماد متابعة دراسته بعد أن استقرّت أسرته في أحد أحياء مدينة قامشلو، والتسجيل في إحدى مدارسها.

حال عماد كحال مئات الطلاب من أقرانه الذين فرّت عائلاتهم من ويلات الحرب التي تدور رحاها بين الفينة والأخرى في مناطق الريف الجنوبيّ لمدينة قامشلو، فانقطعت بهم السبل بعد أن تحوّلت قراهم إلى ساحاتٍ للحرب ومدارسهم إلى ثكناتٍ عسكرية.

تقول يُمنى محمد، وهي طالبةٌ في مرحلة التعليم الأساسيّ، إن مدرستها (قرب أبو خزف) تحوّلت إلى موقعٍ عسكريٍّ فاضطرّوا إلى النزوح إلى مدينة قامشلو وإيجاد مدرسةٍ أخرى لإكمال دراستها.

يبلغ عدد المدارس في محافظة الحسكة (أربع مناطق: الحسكة، القامشلي، المالكية، رأس العين) حوالي 2400 مدرسةٍ. وهناك أكثر من 101 مدرسة في مدينة القامشلي وحدها.

 

 

تحوّل العديد من تلك المدارس إلى مراكز إيواءٍ أو مقرّاتٍ عسكريةً. فقد أصبحت تسع مدارس خارج الخدمة بسبب تحوّلها إلى مراكز إيواءٍ للنّازحين من مناطق متفرّقة من سوريا. بالإضافة إلى ستّ مدارس مغلقةٍ تماماً في محيط القامشلي، لوقوعها في المناطق الساخنة، أو يوجد فيها مسلّحو تنظيم "الدولة الإسلامية"، وهي مدارس: تل عيد؛ البجارية؛ عين جنوبي؛ رحيّة عُليا؛ رحيّة المحدثة؛ دلالى.

وقد شكّل نزوح الأهالي ضغطاً كبيراً على بقية المدارس التي اضطرّت إلى فتح أبوابها لأبناء النازحين القادمين من المناطق الساخنة.

 

 

يتحدّث (ف.م)، الإداريّ في مدرسة اللواء للتعليم الأساسيّ "حلقة أولى"، في وسط المدينة، قائلاً: لدينا (433) تلميذاً وتلميذةً، من الصفّ الأوّل إلى السّادس. ومنذ عام 2012 استقبلنا أعداداً كبيرةً من الوافدين وصل إلى أكثر من مئة وافد. كما يُلاحظُ تسرّبُ أعدادٍ من التلاميذ وصل إلى 85 تلميذاً خلال الأعوام من 2012 إلى 2014، بين وافدٍ وغيره، بسبب السّفر إلى الخارج أو الانتقال إلى مناطق أخرى.

في حيّ جِرْنك الصّغير، وفي مدرسة جورج كوركيس تحديداً، تحدَّث مديرُ المدرسة الأستاذ عبد السَّلام: رغم نقص الكتب، وعدم توافر الخدمات المطلوبة من كهرباء وتدفئةٍ ومياه، إلا إننا راضون عن سير العملية التعليمية من حيث التزام المعلمين في مدرستنا. يوجد لدينا أكثر من 460 تلميذاً، منهم 80 وافداً، ناهيك عن طلبات القبول والانتقال المستمرّ كلّ يوم. كما تحدّث الأستاذ عبد السلام عن ظاهرة تسرّب التّلاميذ من المدرسة، بسبب الهجرة إلى دول الجوار بحثاً عن الأمان والمعيشة، وخاصةً من قبل أهالي الحيّ الأصليين.

وعن ظاهرة التسرّب، والبيئة التعليمية الجديدة للطلاب الوافدين، تتحدّث شيرين شيخو، المرشدة النفسية في مدرسة ألماظة خليل، بقولها: "هناك طالباتٌ قَدِمنَ من المناطق الساخنة، وحالتهنّ الاجتماعية غير مستقرّة، ولديهنّ معاناةٌ شخصيةٌ، إضافةً إلى الضائقة المادية. نسبة الوافدين غير مستقرّة. والمدرسة نفسها فقدت الكثير من الطالبات نتيجة الهجرة المستمرّة". ومن جانبٍ آخر أضافت: إنّ التّعامل مع المراهقات ليس سهلاً، وهذه الظروف تؤثّر في نفسيتهنّ أكثر. التعليم في هذه الأجواء معجزة، ولكن يبدو أنّ إصرار الإنسان على تلقّي المعارف أقوى من الحرب.

***

(2)

 

اللاجئون الأطفال: عمالةٌ وتسوّلٌ وانقطاعٌ عن الدراسة

محمد همام زيادة

 

تجهد الكثير من العائلات السورية اليوم في البحث عن عملٍ يؤمّن المتطلبات الأساسية للحياة. وفي معظم الأحيان، لا يفوّت أيٌّ من أفراد العائلة، بمن فيهم الأطفال، أية فرصة عملٍ يحصلون عليها. ويشير أحد المعلمين، الأستاذ علي ساجد، إلى "حاجة العديد من الأُسر السورية إلى أن يعمل جميع أفرادها، من الأب والأم وصولاً إلى الأطفال". وإلى أنَّ "العديد من المهن التي يمارسها الأطفال لا تناسب أعمارهم، وتفوق تحمّل أجسادهم. وهي تشمل مختلف الأعمال الجسدية في مجال الزراعة، ونقل البضائع، وبيع وتهريب المحروقات في المناطق الحدودية". ويضيف أنَّه "إلى جانب هذا وذاك، يعمل معظمهم لساعاتٍ طويلةٍ تتعدّى العشر ساعات، وذلك بسبب الأجور الزهيدة التي يحصلون عليها". ويفسّر ذلك بأنَّ "معظم القاصرين يعملون تحت إمرة أحد البالغين، الذي يقوم باستغلالهم في معظم الأحيان".

 

 

ويروي محمد توتنجي، وهو أبٌ لخمسة أطفالٍ من حيّ بعيدين بحلب: "لجأت إلى العيش في إسطنبول في تركيا. أعمل في أحد المعامل وأتقاضى راتباً شهرياً لا يزيد عن 500 دولارٍ، لا تكفي لأكثر من دفع أجرة البيت الذي نقيم فيه". ويضيف: "اضطرَّ أطفالي الذكور الثلاثة إلى ترك الدراسة والتوجّه إلى العمل لكسب ثمن المعيشة. ليس هناك أصعب من رؤية ابني البكر، الذي لم يتجاوز الـ16 عاماً، يتوجّه كلّ صباحٍ للعمل في فرنٍ، بدلاً من المدرسة. فيما يبيع أخوتُه على بسطة". ويتابع: "لم تحظَ طفلتاي بأكثر من بعض دروس القراءة والكتابة، التي تبرّع بعض الأساتذة السوريين بتقديمها في إحدى الجمعيات التركية".

جمع القمامة

سامر، ذو الـ13 عاماً، يمتهن جمع القمامة من شوارع وحاويات غازي عنتاب التركية، ومن ثم بيعها. ويروي لمجلة "صور" أنَّ له "العديد من الأصدقاء الذين يعملون في جمع القمامة في شوارع المدينة". يجرّ والد سامر، الأربعينيّ، عربةً كبيرةً، فيما يقوم سامر بلملمة ما يراه مناسباً من الكرتون أو البلاستيك أو الزجاج وجمعه في العربة. يقول الوالد إنّه "يحصل على حوالي دولارٍ واحدٍ لكلّ 2 كيلو من القمامة، ما يوجب عليه جمع 30 كيلو على الأقلّ كلّ يوم". ويضيف أنّه لم يستطع الحصول على مهنةٍ أفضل، لأنه لا يتكلم التركية ولا يحوز شهادةً جامعية، إلا أنه لا يخجل بعمله. ويضيف: "لا أسمح لابني بجرّ العربة، بسبب ثقل وزنها. إنه يقوم بجمع القمامة فقط. أفضّل أن يعمل معي على أن يعمل مع أجنبيٍّ يمكن أن يقوم بإهانته أو استغلاله".

يقول الناشط الإعلاميّ طارق أبو الفحم لمجلة "صور" إنَّ "آلاف الأطفال السوريين يعيشون حياة البؤس والشقاء في دول اللجوء، إذ يجدون أنفسهم مضطرّين إما إلى ممارسة مهنٍ كبيع السجائر وجمع القمامة، أو إلى التسوّل".

 

 

المترجمون الأطفال

في ظلّ التمازج الاجتماعيّ الواسع بين السوريين والأتراك، يجد العديد من الأطفال السوريين، الذين يتقنون اللغة التركية، فرصةً للعمل كمترجمين في الأسواق التركية. ويشير أبو صادق، صاحب أحد المحلات السورية، إلى أنه "يكاد لا يخلو أحد المحلات التجارية أو المطاعم من طفلٍ سوريٍّ يتكلم التركية، ليسهل تعامل صاحب العمل مع زبائنه من السوريين". ويضيف أنَّ "المترجمين من الأطفال السوريين ذوي الأصول التركمانية هم من المحظوظين، لأنهم يحصلون على العمل سريعاً، رغم أنَّ رواتبهم لا تتعدّى الـ500 ليرةٍ تركيةٍ شهرياً".

يقول الطفل محمد كروان، ذو التسعة أعوام، إنه يعمل منذ سبعة أشهرٍ عند بائعٍ للحوم، ولمدة 10 ساعات يومياً، طيلة أيام الشهر، لقاء 90 ليرةً تركيةً في الأسبوع (حوالي 160$ شهرياً). ويضيف محمد أنه "يقوم بتسليم والدته أجره الأسبوعيّ لتشتري الطعام، وتجمع المال ليستطيعوا إعمار بيتهم المهدّم في حلب".

أما هلا، ذات الأربعة عشر عاماً، فتعمل في أحد المحلات التجارية في السوق القديمة. وتقول إنها "سعيدةٌ بعملها؛ فصاحب العمل إنسانٌ لطيفٌ، ويقوم بمساعدة عائلتها مادياً، ويقدّم لهم وجباتٍ يومية". وتضيف أنها "تخاف ترك العمل والذهاب إلى المدرسة، خشية توقف معونات صاحب العمل لأسرتها".

أطفال المعابر

يتوزّع عددٌ من الأطفال على طول معبري باب السلامة وباب الهوى بين سوريا وتركيا، يقومون بحمل أمتعة المسافرين الثقيلة بأجسادهم النحيفة مقابل أجورٍ زهيدة. ويعمل بعض الأطفال بتهريب علب السجائر عبر المعبر، إضافةً إلى انخراط بعضهم في عمليات تهريب المحروقات التي تتمّ على الحدود.

يروي مجد الدين لمجلة "صور": "عند عبوري معبر باب الهوى كان عليّ اجتياز 2 كم مشياً على الأقدام. كان معي ما لا يقلّ عن 40 كيلو من الأمتعة. فاجأني طفلٌ عمره 12 عاماً بعرضه عليّ حمل الأمتعة". ويضيف: "استطاع الطفل حمل ما لم أقدر أنا على حمله، وتباهى أمامي بقدرته على حمل المزيد. فقد مرّ على عمله كحمّال أمتعةٍ أكثر من سنة، خلّفت انحناءةً واضحةً في ظهره وتشوّهاً في حركة المشي".

 

 

يعلّق أحمد عبد الله، أحد عناصر الجبهة الإسلامية في معبر باب الهوى، على عمالة أطفال المعبر: "لم نكن يوماً راضين عمّا يعانيه أطفال المعبر، إلا أننا لا نملك صلاحية قطع أرزاقهم دون إيجاد بدائل جيّدةٍ لهم. نعتقد أن هذا العمل أفضل من انحرافهم إلى مهنٍ أسوأ منها".

 

قوانين عمالة الأطفال معطّلةٌ للسوريين

دفع تزايد ظاهرة تسوّل الأطفال في مدينة إسطنبول الحكومةَ التركيةَ إلى اتخاذ إجراءاتٍ للحدّ من هذه الظاهرة، فقامت بنقل المتسوّلين والمشرّدين إلى المخيمات المخصّصة للاجئين في جنوب البلاد. يقول الأستاذ أحمد غادري إن "ظاهرة تسوّل الأطفال السوريين قائمةٌ في الأحياء السكنية في مدينة إسطنبول، رغم خلوّ الشوارع الرئيسية منها". ويضيف أن الحلّ الحقيقيّ يحتاج إلى تدخّل المنظمات الدولية المعنية بالطفولة، والتعاون مع الحكومة التركية لتحسين أوضاعهم المعيشية بالدرجة الأولى".

 يُذكر أنّ القانون التركي يعاقب مُشغّلي الأطفال، ممن هم دون الـ15 عاماً، بالسجن الذي قد تصل مدّته إلى عامٍ كامل، إضافةً إلى دفع غرامةٍ ماليةٍ لا تقلّ عن 1300 ليرةٍ تركيةٍ، وعددٍ من العقوبات الأخرى التي تطال أولياء أمورهم.

ولكن القاضي ياسر بدوي، عضو المكتب القانونيّ في وزارة العدل التابعة للحكومة المؤقتة، يقول إنَّ "القانون التركيّ، بالنسبة إلى عمالة الأطفال اللاجئين، ليس واضحاً تماماً. فمعظمهم لا يملكون إقامةً في تركيا". ويبرّر بدوي غضّ نظر الحكومة التركية عن الأمر بأنه "تقديرٌ للحاجة الملحّة للسوريين في تركيا إلى العمل، وهو ما جعل عمالة الأطفال شبه مُشرَّعة حتى اللحظة". ويفيد بعدم وجود "أيّة جهةٍ رسميةٍ أو مدنيةٍ تعمل على علاج عمالة الأطفال في تركيا. وأنَّ الأمر لم يتعدّ مجموعةً من الإدانات الفردية التي لا تغيّر من واقع الحال".

***

(3)

اللاجئون الأيتام وتجربة العودة إلى الطفولة

 

جورج.ك.ميالة

 

"رايحين على حمص"، بهذه الكلمات علا صوت الطفلة رزان، وهي تنظر من نافذة الباص الذي ينقلها، مع أصدقاء الميتم، من مدينة غازي عنتاب التركية إلى مدينة نيزب، حيث يتوجه أطفال ميتم السلام لحضور دروس التقوية المسائية التي أتاحتها لهم الحكومة التركية.

رزان، ذات الأربع سنواتٍ، ولدت في القصير السورية. فقدت والدها في اشتباكاتٍ مع قوّات النظام. واجهتها، وما تبقّى من عائلتها، مصاعب اللجوء والاغتراب، إلى أن استقرّوا في ملجأ السلام للأيتام في مدينة غازي عنتاب التركية. تقصّ رزان على زوّار الميتم تفاصيل مدينتها وكأنها أمضت فيها عشرات السنين رغم صغر سنّها.

 

 

بدأت دار السلام لإيواء الأيتام بالعمل في شهر أيار 2011، بعد استئجار أحد المباني القديمة وترميمها وتجهيزها، حتى أصبح صالحاً للسكن. وقد تلقّت دعماً من عددٍ من الجمعيات الخيرية في البحرين وتركيا. وأشرف عددٌ من الخبراء السوريين على انطلاقتها.

تقول مديرة الدار، السيدة منار قرة دامور، لمجلة "صور": "تستقبل دار السلام الذكور حتى عمر العشر سنوات، والإناث حتى العشرين عاماً. وتشترط توافر رسالة تزكيةٍ من مركزٍ إعلاميٍّ أو مركز توثيقٍ حقوقيٍّ أو جهةٍ قانونيةٍ للتأكّد من وفاة المعيل. كما تشترط مرافقة الأمّ لأطفالها، إن كانت على قيد الحياة، أو إحدى قريباتهم كالجدّة أو العمّة أو الخالة". وتتابع: "يخرج الأيتام الذكور عند بلوغهم العشرة أعوام. معظمهم يبقون تحت إشراف الدار، ويسكنون عند أقاربهم كالعمّ أو الخال. ويقومون بزياراتٍ دوريةٍ إلى عائلاتهم في أيام العطل الأسبوعية".

وتوضح السيّدة دامور أنَّ "عدد نزلاء الدار يبلغ 70 نزيلاً. وأنهم يعيشون حياةً جماعية". وتضيف أنَّ "المسكن مقسّمٌ إلى مهاجع كبيرةٍ، وهي بدورها إلى مجموعةٍ من الغرف. وتخصّص الغرفة للعائلة الواحدة، التي تعدّ مسؤولةً عنها من حيث النظافة والعناية. كما تشرف 4 نساءٍ يومياً على تحضير الطعام لجميع النزلاء".

 

 

مصاعب نفسية

تشير الأخصائية الاجتماعية لونا قادري إلى أنَّ "أعداداً كبيرةً من الأيتام، من اللاجئين السوريين، يعانون العديد الأعراض والمشاكل النفسية، كتأخّر تطوّر قدراتهم العقلية والجسدية، وأحياناً من الكوابيس والهلوسات، وهو ما ندعوه بأعراض بعد الصدمة". وتضيف أنَّ "عدداً من الأمهات، أو ممّن تبقّى من العائلات، يعانون أعراضاً من الكآبة، وذلك بسبب عجزهم عن توفير حياةٍ جيدةٍ للأطفال، أو استمرار معاناتهم في الظروف القاسية".

بخلاف غيرهم، يحظى أطفال الميتم برعايةٍ طبيةٍ جيدة. وتؤكد مديرة الدار، السيدة منار قره دامور، لمجلة "صور": "توجد زياراتٌ أسبوعيةٌ لطبيب الأطفال، بهدف متابعة ومراقبة نموّهم". وتؤكّد أيضاً :"يقوم طبيبٌ نفسيٌّ وأخصائيٌّ اجتماعيٌّ بزيارة الميتم بشكلٍ شبه منتظم، من أجل تقديم الرعاية المطلوبة". وتروي قره دامور أن "ذوي الأطفال، الذين يعيشون معهم في الميتم، استطاعوا تجاوز هذه المصاعب النفسية خلال فترةٍ من الزمن. إلا أنّ بعض الأطفال لا زالوا يعانون من أعراض ما بعد الصدمة التي أصابتهم إثر فقد ذويهم، ولا زالوا يحتفظون بتفاصيل الصدمة التي مرّوا بها". إلا أنَّ "الحالة النفسية للأطفال تختلف حسب شدّة الصدمة التي تعرّض لها كلٌّ منهم". وتفسّر: "بعضهم رأى أباه أثناء استشهاده ومنهم من لم يره. ومنهم من رأى جثة أبيه وبعضهم لم يرها. إضافةً إلى رحلة اللجوء والتنقّل بين الأماكن والمخيمات".

 

 

وتردف مديرة الدار أن الأطفال والأمهات يصلون منهكين نفسياً وجسدياً من هول ما عاشوه، ولكن العناية الموجودة خفّفت من آثار الحرب، وخفّضت خصوصاً من الاضطرابات النفسية والعنف عند الأطفال.

وتذكر أنَّ "الإدارة تقوم بنشاطاتٍ منتظمةٍ، تعليميةٍ ورياضيةٍ، إضافةً إلى الرحلات إلى الحدائق العامة والأماكن الأثرية، والمهرجانات التشاركية مع المدارس وتجمّعات الأطفال السوريين والأتراك في غازي عينتاب".

وتقول مسؤولة الأنشطة مشاعل الشيخ لمجلة "صور": "تهدف هذه الأنشطة إلى الانتقال من حالة الحرب، غير الطبيعية، إلى الطفولة التي كان الأطفال يعيشونها كغيرهم من أطفال العالم. ونسعى من خلال الأنشطة الخارجية إلى دمج الأطفال مع أقرانهم ومع مختلف فئات المجتمع".

 

 

حاجاتٌ تعليمية

 يعاني معظم الأطفال اللاجئين من حالة انقطاعٍ تعليميٍّ لمدّةٍ طويلة، فمعظمهم يحتاج إلى إعادة تأهيلٍ تعليميٍّ. تقول إحدى المشرفات على النظام التعليميّ في دار السلام لمجلة "صور" إنّه "بعد دراسة المستوى التعليميّ للأطفال، تحاول الدار تطبيق نظامٍ تعليميٍّ مكثّفٍ وقاسٍ، بهدف إعداد جيلٍ جديدٍ متعلمٍ وقويٍّ يستطيع إعادة بناء سوريا المستقبل المحرّرة بعد سقوط النظام". وتوضح قائلةً: "يذهب طلاب الشهادة الثانوية يومياً إلى مدرسةٍ سوريةٍ خاصّةٍ في مدينة غازي عينتاب، ويدرسون وفق منهاج الحكومة السورية المؤقتة المعتمد على المناهج الليبية، إضافةً إلى تعلم اللغة الإنكليزية والتركية، بهدف تحضيرهم مسبقاً لدخول الجامعات التركية".

 وتضيف أنَّ "الطلاب يخضعون لدروس تقويةٍ بعد المدرسة، في صفوفٍ خاصّةٍ بمدينة نيزب، في المواد الرئيسية كالرياضيات والفيزياء واللغات، في العطل أيام السبت والأحد، إضافةً إلى متابعةٍ دراسيةٍ يوميةٍ ضمن الدار من المشرفات".

 

 

مصاعب في التمويل واعتمادٌ على الذات

تشتكي إدارة الدار من عدم ثبات التمويل، وهو ما تعانيه أغلب المنظمات السورية. وفي محاولةٍ لتدارك الأمر تشير قره دامور إلى أنَّ "إدارة الدار تعمل على تدريب الأمهات والبنات على مهنٍ توفّر مستقبلاً آمناً في حال توقفت الدار عن العمل، كالخياطة والتطريز وصناعة الصوف اليدويّ وغيرها من الحرف. كما تقيم ورشاتٍ تدريبيةً حول كيفية التعامل، ومواجهة مشاكل الحياة، وكيفية تحقيق الأهداف المستقبلية".

تقيم الدار، بشكلٍ مستمرٍّ، حفلاتٍ خيريةً يعود ريعها لصالح الدار، كان آخرها معرض رسوماتٍ للأطفال النزلاء. وقد بيعت اللوحات في الولايات المتحدة الأمريكية.

وعن المعرض تقول مديرة الدار: "وصل ريع هذا المعرض إلى 8500 دولار. استطعنا من خلالها شراء ميكروباصٍ للدار، يقوم بنقل الأطفال يومياً إلى المدرسة، ويوفّر جميع احتياجات الدار التي تبعد حوالي 15 كم عن مدينة غازي عينتاب".

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard