info@suwar-magazine.org

الأحزاب والقوى السياسية (الإخوان المسلمون) (5)

الأحزاب والقوى السياسية (الإخوان المسلمون) (5)
Whatsapp
Facebook Share

 

من كتاب بوصلة صراع الأحزاب والقوى السياسية المعارضة في سوريا 

 

 

"قد أكون مختلفا معك في الرأي، ولكني مستعد للموت دفاعاً عن حقك في إبداء رأيك[1]"

 

بغض النظر عن قول فولتير، والذي يعكس النقيض لمرحلة الجمهورية الثالثة في سوريا، والذي أدى بدوره لتأسن المجتمع السوري من ناحية، وتشوه في نمو وتطور التجربة السياسية والحزبية السورية، من ناحية أخرى. وهو ما انعكس على البنية الداخلية لتلك القوى والأحزاب، (وهذا ليس محور بحثنا)، ولكنه ألقى بظلاله على الحياة السياسية والمجتمعية لسوريا حتى اللحظة الراهنة.

 

الإخوان المسلمون:

 

يمتد تاريخ ظهور جماعة الإخوان المسلمون في سوريا إلى ثلاثينات القرن الماضي، وبغض النظر عن الخلاف التوثيقي لنشأتهم، إلا أن من المؤكد بأن لإخوان مصر دوراً أساسياً في تلك النشأة، من خلال احتكاكهم ببعض الطلبة السوريين في مصر كمصطفى السباعي، إضافة لرعايتهم لعلماء سوريين يؤمون مصر في ذلك العهد.

مصطفى السباعي

 

أُسس أول مركز لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا في حلب وسميّ "دار الأرقم" في عام 1937، ومن الشخصيات التي ساهمت بذلك يبرز عمر الأميري، وأحمد بنقسلي، وعبد الوهاب التونجي، وسامي الأصيل، وفؤاد القسطل. كما ساهم في تأسيس "جمعية الشبان المسلمين"، في دمشق كل من الشيخ محمد المبارك، والدكتور زهير الوتار، والدكتور فايز الميط، والأستاذ محمد خير الجلاد، والأستاذ بشير العوف. وفي حمص "جمعية الرابطة الدينية"، وعلى رأسها الدكتور مصطفى السباعي. وفي حماه أسست جمعية "الإخوان المسلمون" في عام 1939[2] ومن مؤسسيها الشيخ محمد الحامد الحموي.

 

في عام 1945، عقد في حلب مؤتمراً للإخوان، وانتخب الشيخ مصطفى السباعي مراقباً عاماً للجماعة، ومن ثم نشط الإخوان في شتى مجالات الحياة الاجتماعية، عن طريق إنشاء مؤسسات وجمعيات متخصصة كـ:

 

  • منظمة الفتوة: وتعتبر إحدى المنظمات الرسمية، وضمت عناصر من مختلف مراكز الجماعة، وعين لها مدربين متخصصين في المجال العسكري، ومثلت الجناح العسكري للجماعة في سوريا.
  • منظمة السرايا: ضمت فئات من الطلاب وأرباب الأعمال والعمال، سعت لبث روح التنظيم، والتهيئة لتلقي الدعوة ونشرها، ويشرف على إدارة شؤونها النقباء والعرفاء، سعياً لتحقيق أهدافها.
  • لجنة الإسعاف الطبي: وتقدم الرعاية الصحية للفقراء والمحتاجين، والرواتب والإعانات النقدية والعينية، واعتمدت في وارداتها على أموال الزكاة والتبرعات ..

 

اقرأ أيضاً:

 

إغراء الكرسي  -التأسيس (1) 

 

اتسمت هذه المرحلة بنشاط مكثف للجماعة عبر مناهجها التربوية والتوجيهية، وإنشاء المكتبات ودعم نشر الكتاب الإسلامي، إضافة إلى إحياء المناسبات الدينية والتاريخية والوطنية، وهو ما زاد من نفوذها بين الطلاب والمثقفين، وتوج بإصدار جريدة سياسية يومية "المنار" عام 1946. وفي هذه المرحلة عزز الإخوان نشاطهم، إضافة لعقد المؤتمرات للجمعيات المتواجدة في بعض المحافظات السورية، بالتوجه إلى خارج سوريا، عن طريق إرسال الوفود والزيارات إلى بلدان عربية شقيقة كمصر والعراق.

 

وبما يتعلق بالنشاط السياسي، خاض الإخوان المسلمون في عام 1947 الانتخابات النيابية بأربعة مرشحين، وفاز منهم عن حلب معروف الدواليبي، وعن حماه محمود الشقفة، وعن دمشق محمد المبارك. وبعيد انقلاب سامي الحناوي فاز الإخوان بالانتخابات التي أُجريت بعشرة مقاعد. وكان لهم نفوذ كبير داخل النقابات العمالية والحرفية، وامتد نشاطهم في مجال التعليم، عن طريق إنشاء المعاهد والمدارس في العديد من المدن السورية.

 

الصدام مع السلطة:

 

بعيد الانقلاب الثاني للعقيد أديب الشيشكلي في 29/11/1951/، أصدر قراراً بإغلاق مراكز الإخوان في سوريا، كما قام باعتقال قياداتهم، ومنع المظاهرات الطلابية، وأصدر مرسوماً يحظر فيه على الطلاب ممارسة الأنشطة السياسية، كما أصدر مرسوماً آخر بحلّ الأحزاب السياسية في البلاد.

 

 واستأنف الإخوان نشاطهم بعد الانقلاب على الشيشكلي بتاريخ 24-25/2/1954، وعودة هاشم الأتاسي لرئاسة الجمهورية، حيث ركز الدكتور مصطفى السباعي جهوده على توحيد صفوف الإخوان حتى عام 1963، عقب انقلاب البعث الأول، وبمشاركة اتجاهات سياسية متعددة، ومن ثم صدور قانون الطوارئ. وصدور قرار بحظر نشاط الجماعة في عام 1964.

 

شكري القوتلي

 

وتميزت هذه المرحلة بقمع المعارضة بكل أطيافها، ونتج عن ذلك الاحتجاجات والمظاهرات التي عمت البلاد، وشارك بها الإخوان المسلمين، وإن كان من أرضية مختلفة، ولأسباب وإن التقت مع المعارضين الآخرين، إلا أنها تختلف في الأرضية، حيث أنها انطلقت من منحى أن السلطة البعثية الجديدة "علمانية" وتبتعد عن الدين الإسلامي الحنيف، والذي يدين به غالبية الشعب السوري. وهنا حدث الخلاف ضمن الجماعة بين جناح يدعو على المواجهة العسكرية للسلطة، وبين الجناح السياسي السلمي.

 

تحت ظلال انقلاب 1970 والتحول الكبير

 

تميزت هذه المرحلة بالدموية من الجانبين، حيث قامت الطليعة المقاتلة بزعامة مروان حديد بعمليات اغتيال عديدة، استهدفت العديد من الشخصيات البارزة في النظام كالرائد محمد الغرة مدير الأمن القومي في حماة، إضافة على شخصيات مشهورة من "الطائفة العلوية"، ومن ثم تلاها عملاً مسلحاً فريداً من نوعه ضد النظام واستهدف مدرسة المدفعية في حلب، والتي قادها النقيب إبراهيم اليوسف في عام 1979، راح ضحيتها ثلاثة وثمانون من تلاميذ الضباط العسكريين. وعلى إثر الحادثة صدر القانون رقم /49/ لعام 1980، الذي حُظرت فيه الحركة، وعقوبة الإعدام لكل من يثبت انتسابه لجماعة الإخوان المسلمين. وكان رد الإخوان المسلمين سريعاً، إذ قاموا بمحاولة اغتيال رأس النظام السوري بتاريخ 26حزيران/ يونيو 1980. وما حسم الصراع المسلح والدموي بين الجانبين هو الحملة العسكرية الكبيرة التي قام بها النظام، واستهدف فيها مدينة حماة بتاريخ 2-3 شباط/فبراير 1982.[3]

وكان ضحيتها الأساسية تشريد عشرات الآلاف من المواطنين العزّل، وقتل وفقدان أيضاً الآلاف منهم..! (لم نحدد هنا أعداد الضحايا والمشردين، بسبب الأرقام المتضاربة التي نشرت عبر أجهزة إعلام ومراكز بحثية عديدة).

 

شكلت هذه الضربة نقطة فاصلة في الصراع بين النظام وجماعة الإخوان المسلمين، حيث غابت الأخيرة عن الساحة السياسية في الداخل السوري، إذ غادر هرباً من سوريا كل من لم يقتل أو يعتقل خلال الأحداث والملاحقات، وفي المنافي لملم التنظيم شتاتاته الممزقة، للعودة للعمل السياسي من تلك المنافي.

 

 

من العنف إلى برغماتية "كاريكاتيرية مشوهة"، تحالفات وانقسامات

 

وكالعادة..، التي تعودناها من أحزاب المعارضة السورية، عند كل ضربة أمنية، قام التنظيم في المنفى بمراجعة نقدية لمرحلة العمل المسلح، في محاولة منه لإعادة بناء استراتيجية جديدة ومنظومة تفكير جديدة في الممارسة السياسية، وأصدر خلالها عدة وثائق تضمنت خلاصة مراجعته لثلاثة عقود من تجربته الميدانية سواء العسكرية منها أو السياسية، ومنها:

 

  • المشروع السياسي لسوريا المستقبل.
  • عهد وميثاق جماعة الإخوان المسلمين في سوريا.

 

وخلال هذه الفترة سعى التنظيم لإعادة ترتيب أوضاعه مع النظام في دمشق، وعودة كوادره للعمل في سوريا..!

وفتح قنوات بشكل مباشر مع النظام في عامي 1984 و1987، ثم بشكل غير مباشر بين عامي 1996 و1997..! ولم تؤدِّ إلى نتيجة. كما تكررت التجربة في العهد الجديد لسوريا عندما ألقى الناشط "علي العبد الله" كلمة المراقب العام للإخوان المسلمين "علي البيانوني"، في منتدى جمال الأتاسي، وعلى إثرها سجن علي العبد الله، وأغلق منتدى "الأتاسي" عام 2005، المنتدى الأخير في ربيع دمشق.

 

كما دخل التنظيم في تحالف مع "عبد الحليم خدام"،..!؟ تحت خيمة "جبهة الخلاص الوطني"، عام 2006، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل حاول التنظيم فتح حوارات مع النظام حتى تاريخ 15/ آذار/ مارس 2011، برعاية تركية..!

 

في "مشروع ميثاق شرف وطني للعمل السياسي (أوراق أولية)"[4]

 

في هذا المشروع الذي نشرته جماعة الإخوان المسلمين في جريدة الحياة اللندنية بتاريخ 4 أيار/ مايو 2001، طرحت فيه رؤيتها لقواعد العمل السياسي في سوريا وضابطه، واعتبرته مقدمة لحوار وطني يهدف لإنجاز ميثاق شرف وطني لتنظيم العمل السياسي في سوريا خلال هذه المرحلة الحساسة في تاريخ سوريا، على كافة المستويات الدولية والإقليمية والمحلية/ مع التنويه بأن هذا المشروع لا ينتقص من حق أياً كان بتقديم رؤية سواء كانت "كلية" أو "جزئية" لتطوير هذا المشروع أو تعديله. وبالتالي، فالدعوة مفتوحة للجميع تحت "خيمة الحوار الوطني"، القوى السياسية أو الشخصيات العامة "الفكرية والثقافية..".

 

أولاً: في الثوابت:

 

المنطلق الأول: والأساس الذي ينطلق منه هذا المشروع، هو الإسلام بما يشكله من مرجعية حضارية وهوية هذه الأمة، بما يحوزه من قيم سامية عليا.

 

والمنطلق الثاني: الانتماء للعروبة، والتي تعتبر الأساس في بناء أي استراتيجية سياسية مستقبلية.

 

والمنطلق الثالث: الانفتاح على التجارب الحضارية للأمم الأخرى، سعياً للارتقاء للأفضل.

 

ثانياً: في الأهداف العامة:

 

   *- الهدف الأول: هو بناء الدولة الحديثة، والتي تتجسد من خلال الصيغة التعاقدية الحرة، والممأسسة من القاعدة إلى القمة، والفصل بين السلطات، وسيادة القانون، وصناديق الاقتراع الحر والنزيه هو أساس تداول السلطة بين أبناء الوطن، ووظيفة الجيش هي حماية الوطن من أي عدوان خارجي، ومن حق أي مواطن الانتساب إليه.

 

*- الهدف الثاني: مواجهة تحدي البناء العام..

 

أ- بناء الإنسان الفرد.

ب- بناء المجتمع.

ج- بناء مؤسسات المجتمع المدني.

د- بناء روح التحدي والمقاومة.

هـ- بناء النظم والآليات لاستغلال ثروات الوطن بالشكل الأمثل.

و- بناء الضوابط والقواعد للحد من الفساد.

ز- بناء خطط التنمية العامة.

*- الهدف الثالث: التصدي للمشروع الصهيوني.

*- الهدف الرابع: السعي إلى تحقيق الوحدة العربية.

 

ثالثاً : أسس والتزامات

 

  • المواطن الحر أساس بناء الدولة الحديثة.
  • والمواطنة ما هي إلا حقوق وواجبات.
  • الاختلاف بين الناس سنة من سنن الخلق.
  • ( الناس سواسية كأسنان المشط).
  • والاعتراف بالآخر الوطني ركيزة أساسية.
  • الوسيلة الأقرب للتعامل مع الآخر هو الحوار البنّاء.
  • وصناديق الاقتراع تحسم الاختلافات في الرؤى العامة والسياسات.
  • التأكيد على التمييز ما بين مصطلحي الدولة والحكومة.

ويلتزم الموقعون على هذا الميثاق بـ..

  • التضحية في سبيل منعة الوطن وعزته وأمنه.
  • تقديم المصلحة العليا على المصالح الخاصة.
  • الشفافية عند ممارسة دورهم في الحياة العامة.
  • التأكيد على آليات العمل السياسي الديمقراطي.
  • نبذ العنف مع التمييز بين الإرهاب الدولي والابتزاز السياسي، وبين أشكال المقاومة الوطنية.
  • التعاضد على حماية حقوق الإنسان.
  • ضرورة معالجة الملف الإنساني بكل أبعاده.

 

في " عهد وميثاق"[5]

 

في هذه الوثيقة التي أصدرتها الجماعة بتاريخ 25-3-2012، تؤكد على كونها أساساً لعقد اجتماعي جديد، ويؤسس لعلاقة وطنية لمكونات المجتمع السوري، بكل أطيافه وتياراته، في ظل دولة مدنية حديثة تقوم على التوافق، ودستور مدني تضعه جمعية تأسيسية منتخبة.

 

وفيها يؤكدون على الالتزام بـ:

 

  • الدولة المدنية الحديثة، ودستور مدني منبثق عن إرادة أبناء الشعب السوري.
  • دولة ديمقراطية تعددية تداولية.
  • دولة المواطنة والمساواة.
  • دولة تلتزم بحقوق الإنسان، كما أقرتها الشرائع السماوية والمواثيق الدولية.
  • دولة تقوم على الحوار والمشاركة.
  • دولة يكون الشعب فيها سيد نفسه.
  • دولة مؤسسات وتقوم على الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية.
  • دولة تحترم العهود والمواثيق الدولية وتنبذ الإرهاب.
  • دولة العدالة وسيادة القانون.
  • دولة تعاون وألفة ومحبة بين أبناء الوطن.

 

[1] - من أقوال فولتير الشهيرة.

[2] - للمزيد راجع:

http://www.ikhwanwiki.com/index.php?title=%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86_%D9%81%D9%8A_%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7

[3] - للمزيد راجع:

https://www.al-masdar.net/5-%D8%AD%D9%82%D8%A7%D8%A6%D9%82-%D9%85%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%86-%D9%85%D8%AC%D8%B2%D8%B1%D8%A9-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%A9-1982/

[4] - لقراءة الوثيقة كاملة راجع:

http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:wmjpKmJCwdIJ:www.alhayat.com/article/1089428+&cd=1&hl=en&ct=clnk

[5] - للاطلاع على الوثيقة كاملة راجع:

http://www.aljazeera.net/news/pages/3d4903fd-26a7-4979-8dc7-d3f05a9ffd9a -1

2- http://ikhwanSyria.com/?TXpBNU5EST0rdQ

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard